مر اليوم الخامس على اختفاء الطفلة "نهال سي محند" بقرية اث علي جنوب تيزي وزو، من دون أن يظهر أي جديد في قضية اختفائها الغريبة والتي تمت بطريقة احترافية، لم يترك الواقف وراءها أي دليل قد يمثل الخيط الرفيع لاكتشاف الحقيقة والوصول إلى مكان الضحية. مرور الأيام والغموض المعتري للحادثة، فتح باب التأويلات ووسع دائرة الشكوك حولها، خصوصا وأن المكان الذي اختفت منه يعد في حقيقة الأمر فناء للمنزل العائلي أكثر منه طريقا للقرية، إذ يستحيل دخول غريب إليها من اجل الاختطاف ولا خروجه سالما بطفل مختطف نظرا لصعوبة المسلك المؤدي ناحية الطريق. "الشروق" زارت، الإثنين، عائلة الضحية في قرية اث عبد الوهاب، ورافقت مصالح الدرك والحماية المدنية في حملة البحث عن الطفلة في السدود المجاورة. الدخول إلى منطقة واسيف لم يكن سهلا، هدوء حذر خيّم على المكان، علامات الاستفهام والاستياء بادية على وجه كل من تصادفه في طريقك، لم يكن اختفاء الطفلة صادما بقدر ما كانت الطريقة والمكان الذي غابت منه محيرا. بصعوبة كبيرة تمكنا من الوصول إلى البيت العائلي الذي يبعد عن الطريق بمسافة تزيد عن 200 متر، ويتجه إليه مشيا على الأقدام عبر مسلك إسمنتي وعر، المرور عبر هذا المسلك يبعد فرضية إقدام غريب على اختطافها عبره لكونه مكشوفا ولا يسهل مهمة هروب شخص محمل بطفل مختطف. وصولنا إلى المنزل العائلي واطلاعنا على المكان الذي اختفت منه، قلة المنازل المجاورة والمدة القصيرة التي اختفت فيها، وضعت الجميع في حيرة، خصوصا وان العائلة تفطنت لأمر اختفائها في ظرف 10 دقائق، حيث مشطت النسوة محيط المنزل والغابة المجاورة على الفور، إذ لم تترك أي اثر وراءها. والدة الضحية السيدة "سي محند كريمة" التي تدهورت نفسيتها كثيرا رغم أملها الكبير في عودة ابنتها سالمة، قالت إنها لم تستوعب بعد اختفاء "نهال" وأنها جاءت من وهران لحضور زفاف قريب لدى أخوالها، فتحول العرس إلى شبه مأتم، وأضافت بدموع حارقة: "فضلت لو أنها ماتت ودفنتها، على أن اجهل مصيرها، ماذا فعلوا بها؟ من يقف وراء اختطافها؟ لا يوجد غريب بيننا، ابنتي اختطفت بيننا والفاعل موجود بيننا ربما، يبحث ويبكي معنا، فرضية ضياعها مستبعدة، اذ لم نعثر على أي غرض يدل على أثرها، تغيرت المنطقة كثيرا وكثر الحديث عن ارتفاع مستويات الجريمة فيها، أرجو ألا تكون ابنتي ضحية حسابات لا علاقة لنا بها". جدة الطفلة "نهال" البالغة من العمر 4 سنوات ونساء أخوالها قالت بأن الفاعل خدر الطفلة قبل أخذها، لأنها كثيرة الصراخ وترفض أن يقترب منها أي شخص عدا والديها، والكلاب المدربة قادتنا إلى أسفل المنزل، حيث تتواجد بقية السكنات في القرية، إلا أن الأثر اختفى بعد بضعة أمتار فقط، كما أن الفاعل يعلم بعدم وجود أي رجل في المنزل. وصلت إلى المنزل العائلي رفقة والديها وخالتها وأبنائها، خرجت مع ابني خالها للعب أمام باب المنزل، ولما تفطنت والدتها لغيابها بعد 10دقائق تقريبا، بحثنا عنها في كل مكان وعلى مسافات لا يمكن لطفل بعمرها أن يصلها في تلك المدة، حيث تتواجد الأحراش والأشواك، إلا أننا لم نعثر على بقعة دم أو طرف من ثوبها ولا شعرها، كأن الفاعل كان يترصدنا، بعدما باءت محاولاتنا بالفشل اتصلنا بالرجال وتجندت القرية والقرى المجاورة وفي ظرف سويعات بلغ عدد الممشطين للقرية ومحيطها ما يزيد عن 500شخص.
إشاعة مجهولة المصدر تمّوه السكان وتقودهم خارج إقليم القرية خلال عملية البحث التي كان السكان يقومون بها في القرية، انتشرت إشاعة مفادها تلقي مكالمة يقول صاحبها انه رأى الفتاة في قرية "اث وحلان" رفقة عجوز، وهي قرية متواجدة على مسافة كافية لتبعد الباحثين عن مكان الحادث وتمكن المختطف من الخروج بضحيته من القرية في امان –يقول-خال والدة نهال. وعن صاحب المكالمة ومن تلقاها سألناه، أكد انه لا يعرف من تلقى المكالمة ولا من نشر هذا الكلام، حيث انهمكنا في البحث وسط القلق والحيرة وأمل العثور عليها قادنا إلى المكان المذكور، لكننا عدنا خائبين، وتفطنا لكون الأمر مدبر، ما يرجح وجود المشاركين في الاختطاف وسطنا ومشاركتهم في عمليات البحث معنا، لإبعاد الشبهات عليهم. والدة الطفلة أكدت انه وباستعادة شريط الأحداث ومعرفة السكان بالقرية وقاطنيها يجعل الشبهات تحوم حتى حول النسوة، لأنه وخلال ذلك الوقت يكون الرجال خارج منازلهم من اجل العمل أو التسوق ولا تكثر حركتهم بسبب حرمة المنازل لكون الطريق والمكان الذي اختطفت منه يعد فناءا للمنزل أكثر منه طريقا للقرية. في اليوم الموالي والمصادف ليوم الجمعة صرح لنا بعض الرجال المشاركين في عملية البحث عن الطفلة نهال، إنهم شاهدوا شخصين في إحدى الغابات التي قاموا بتمشيطها، في حدود منتصف الليل، وقامت مجموعة من الشباب بمطاردتهم حتى انه عثر على بطانيتين في ذات المكان، إلا أن عناصر الأمن لم تتمكن من العثور عليهم ولا تقفي آثارهم، وعادت القضية إلى منطلق الصفر.
قوات أمن مجندة لتمشيط الغابات وغواصون للبحث في أعماق السدود اختفاء الطفلة استنفر قوات الأمن المتمثلة في مصالح الدرك الوطني المرفقة بمصالح الحماية المدنية، حيث تم تمشيط غابات وأدغال المنطقة رفقة السكان، واستنجد بالكلاب المدربة لتقفي آثار "نهال" ومختطفيها، تم تفتيش المنازل المهجورة وحتى الأهلة بالسكان، إلا أن أثرها فوق الأرض لم يظهر، ما جعل عملية البحث تمتد إلى السدود المائية الموجودة في المنطقة، حيث استعين بغطاسين تابعين لوحدة تيقزيرت للبحث عنها في أعماق المجمعات المائية.