أكد المشاركون في الندوة التكريمية التي خصصتها المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار، الخميس، للدبلوماسي الراحل بوعلام بالسايح، أن الرجل كان سياسيا محنكا ودبلوماسيا فذا ومثقفا موسوعيا فهو شخصية مركبة قلما يجود الزمان بمثلها. حيث أشار الأستاذ إبراهيم روماني، الذي اشتغل رفقة المرحوم بالسايح طيلة 14 سنة، عندما كان سفيرا في المغرب وعندما كان أيضا رئيسا للمجلس الدستوري إلى أن الرجل كان من رجال الدولة القلائل الذين يجتمع فيهم العلم والتواضع والذكاء المتقد وكشف المتحدث أن الراحل كان معجبا بطه حسين والمتنبي، وكان يغتنم شهر رمضان لإعادة قراءة أعمال هذين العالمين اللذين كان يرى فيهما نموذجا للعقل العربي المبدع. في سياق حديثه عن خصال الراحل، أشار مرافقه إلى أن الرجل كان صارما ومتواضعا وكارها للأضواء محبا للصمت والعمل في هدوء حتى إنه لم يكتب مذكراته رغم المسؤوليات الجسيمة والمناصب الحساسة التي تقلدها وكذا دوره في ثورة التحرير، حيث كان يؤجل ذلك باستمرار ويؤكد المتحدث أن عدم كتابة بالسايح لمذكراته يعتبر خسارة كبيرة للجزائر بالنظر للجوانب التي كان يمكن أن تضفيها شهادته ويرجع المتحدث ابتعاد بالسايح عن الأضواء لتأثره بثقافة المالق، حيث كان نائبا لعبد الحفظ بوصوف. تركزت المحاضرة التي ألقاها إبراهيم روماني عن مسار بوعلام بالسايح، على الجوانب الثقافية في حياة الرجل فهو الذي أحب الشعر الشعبي وألّف فيه كتبا كان يرى منذ الخمسينات أن هذا النوع من الشعر ساهم في الحفاظ على هوية الشعب وناقلا حقيقيا للتراث غير المادي للأمة، إضافة إلى كون الرجل يقدر كثيرا المرأة ويعتبرها عنصرا هاما في تقدم أي أمة لهذا قبل طواعية كتابة مقدمة للكتاب الذي يؤرخ لمسار المجاهدة صليحة ولد قابلية وكانت المرة الوحيدة التي يقبل فيها مثل هذا العمل كما كتاب عن البطلة لالا فاطمة نسومر وجميلات الجزائر في كتابه "الجزائر الجميلة والمتمردة، وآخر كتابه إزهار الربيع وأوراق الخريف". وكشف إبراهيم روماني أن آخر ما تركه الراحل سيناريو عن ثورة الزعاطشة وكتاب شعري عن إفريقيا والجزائر كتبه ما بين 2007 و2008 حالت مسؤولياته العديدة دون إكماله. وفي السياق ذاته قال المتحدث إن الراحل كان حريصا على العمل حتى آخر أيامه، حيث قدم شهرين قبل رحيله محاضرة في إطار ملتقى دولي روسي حول العالم الإسلامي.
من جهة أخرى، قال ابن الراحل فؤاد بالسايح إن والده كان مثل كل الآباء يفرق بين حياته المهنية وحياته العائلية كان صارما خاصة فيما تعلق باحترام الوقت والانضباط.