شرعت الحكومة، الأربعاء، في مناقشة مشروع قانون المالية للسنة القادمة وتدابيره التي رغم الظرف الاقتصادي الاستثنائي الذي تعيشه الجزائر ومتاعبها بسبب شح الموارد المالية، والتي ستستمر إلى السنة المقبلة، إلا أن الجهاز التنفيذي تمسك بسياسة الدعم الاجتماعي وخصصت ما مقداره 1630 مليار دينار كتحويلات اجتماعية متمسكة بسياسة شراء السلم، وهي التي رمت بكل ثقلها لتوسيع الوعاء الضريبي والجبائي لتعويض خسارة الخزينة العمومية من الجباية البترولية، حيث يرجح أن تنعكس هذه المراجعة لعدد من الرسوم على أسعار المواد والمنتجات الاستهلاكية بالتوازي مع مزيد من الأعباء ستعرفها المؤسسات والشركات، وإن كانت زيادات أسعار الوقود شغلت الرأي العام السنة الماضية فسيعرف المواطن زيادة ما بين دينار و3 دنانير في أسعار الوقود مجددا في 2017، رغم أن الحكومة اعتمدت مراجعة السعر المرجعي للميزانية وجعلته عند 50 دولارا وهي التي لم تلجأ إلى ذلك في عز البحبوحة المالية. وحسب التفاصيل التي أوردها موقع "إيكو ألجيريا" فقد خصصت الحكومة للسنة القادمة غلافا قيمته 1630.8 مليار دينار لسياسة الدعم الاجتماعي، 64.3 بالمائة منها ستوجه لدعم الأسر بقيمته 413.5 مليار دينار، جزء منه يوجه لدعم أسعار السلع واسعة الاستهلاك، وهي الحبوب والحليب والسكر والزيت، وجزء آخر لدعم السكن.
50 دولارا لبرميل البترول سعرا مرجعيا لإعداد ميزانيات 2017 و2018 و2019 على نقيض آخر مرة منذ تقريبا ال8 سنوات لجأت هذه المرة الحكومة إلى مراجعة السعر المرجعي لبرميل البترول ضمن تحديد الميزانية، وبعد أن أثار الموضوع جدلا وسط الحكومة يومها ولجأت إلى تحكيم رئيس الجمهورية في الموضوع رغم الوضع المالي المريح، لجأت إلى مراجعة السعر المرجعي للميزانية عند 50 دولارا عوض 37 دولارا وهو السعر الذي يكاد يكون متطابقا أو أزيد قليلا من السعر الحقيقي لبرميل البترول، كما لأول مرة تلجأ الحكومة للاعتماد على تأطير الاقتصاد الكلي لمدة ثلاث سنوات كاملة في إعداد قانون المالية عوض التأطير يشمل سنة واحدة فقط.
زيادات بين دينار و3 دنانير في تسعيرة الوقود من بين أهم التدابير المرتقبة اعتماد زيادات في تسعيرة الوقود، لاسيما البنزين، حيث اقترحت الحكومة زيادة بثلاثة دينار على رسم المواد البترولية للبنزين دينار واحد على نفس الرسم في المازوت، وهو ما سيخلف زيادة في سعر البنزين الممتاز الذي سيصبح 34.42 دينارا، بينما سينتقل لتر البنزين دون رصاص من 31.02 دينارا إلى 34.02 دينارا، ولتر المازوت إلى 19.76 دينارا مقابل 18.76 دينارا حاليا، ومن الطبيعي أن تنتج هذه الزيادة، زيادات أخرى في تسعيرة النقل للمسافرين أو السلع.
خوصصة البنوك وإلغاء قاعدة 49-51 في القطاع المالي كما ستقدم الحكومة على تشجيع البنوك للدخول في البورصة، وهو ما يشكل من الناحية العملية آلية لفتح رأسمال هذه البنوك، على ابقاء سلطة رقابية وسلطة ضبط لبنك الجزائر، التي تمنح الترخيص، كما تضمن النص كذلك إمكانية حيازة الأجنبي لأكثر من 49 بالمائة من الرأسمال الاجتماعي في القطاع البنكي والمالي. ويتعلق الأمر بتحفيز مسار عصرنة القطاع. ويشمل الإجراء كذلك المؤسسات المستثمرة في قطاع صناعة المعرفة على ألا يتعدى نصيب الأجنبي في رأسمال هذه المؤسسات 66 بالمائة بعد موافقة المجلس الوطني للاستثمار.
رفع قيمة الرسم العقاري على المباني إلى 5 بالمائة ورسم على حركة الأجانب يتضمن مشروع النص مراجعة الرسم العقاري المفروض على الأملاك المبنية والتجارية والصناعية وجعله عند مستوى 5 بالمائة عوض 3 بالمائة بالنسبة للمدن التي يسكنها مليون نسمة، إلى جانب فرض رسم على حركة الأجانب سواء في حالة الدخول أو الخروج، ويشكل الإجراء أداة تستعملها الدولة للمعاملة بالمثل في حال خضوع الجزائريين لمثل هذا الرسم من طرف دولة اخرى في إشارة إلى تونس التي فرضت أتاوة على الدخول إلى التراب التونسي.
رفع تسعيرة حقوق تسجيل المواد الصيدلانية وتخص التدابير رفع تسعيرات الحقوق المتصلة بطلب تسجيل المواد الصيدلانية وتحويل طبيعة بعض الحقوق، حيث يتم رفع الرسوم من 500 ألف إلى مليون دينار بالنسبة لتسجيل المنتجات الصيدلانية المصنفة بأنها كمالية ومستوردة، ومن 300 ألف دينار إلى 600 ألف دينار لتسجيل منتجات صيدلانية لتسجيل منتجات صيدلانية ضرورية ولكنها مستوردة، والرفع من 100 ألف إلى 150 ألف دينار لتسجيل المنتجات الصيدلانية غير الضرورية الموجهة للإنتاج المحلي، و100 ألف دينار لتسجيل المنتجات الصيدلانية الضرورية الموجهة للإنتاج المحلي. وارتأت الحكومة كذلك التسقيف على المدى المتوسط لسنوات 2017 و2018 و2019 للنفقات، حيث يمنع تجاوز النفقات العامة للدولة سقف 6800 مليار دينار، أي ألا تتجاوز نفقات الدولة كلية عتبة 62 مليار دولار، وإن كانت ستبقى كتلة الأجور تمثل النصيب الأهم ضمنها.
رسوم جديدة على السيارات المستعملة والمباني القديمة والكماليات تعمل الحكومة على إقامة نظام جبائي خاص بالممتلكات المنقولة المستعملة وعلى وجه الخصوص السيارات في اتجاه يساهم في استحواذ الوكلاء المعتمدين على سوق السيارات المستعملة. الإجراء سيفرض رسما على هوامش الربح المحققة من عملية بيع وتسليم هذه الممتلكات لتنظيم سوقها، خاصة ما يتعلق بالسيارات القديمة، وذلك من خلال السماح للمؤسسات النشطة في سوق السيارات، كما سيعرف الرسم على الاستهلاك المحلي المفروض على السلع الكمالية زيادة جديدة ويتعلق الأمر بمجموعة من السلع منها السلمون والموز والأناناس والكيوي والسيارات ذات الأسطوانات الكبيرة.
تسقيف احتياطات بنك الجزائر تقترح الحكومة إجراء يسمح بتسقيف الاحتياطات المالية التي يشكلها بنك الجزائر، مع إعادة العمل بمبدأ تغطية الخزينة العمومية للعجز المحاسباتي الذي يمكن أن يسجل في حصيلة البنك المركزي، وهذا في حالة ما إذا تبين أن المخزون المسقف لا يغطي الأصول الخاصة بالبنك المركزي. ويرمي الإجراء أساسا إلى ضبط السيولة وتفادي تشكيل مخزون كبير لدى البنك، وعادة ما يشكل الاحتياطي أو المخزون لتسيير مخاطر الدفع.
أهم مؤشرات مشروع قانون المالية السعر المرجعي لإعداد الميزانية إلى 50 دولارا للبرميل خلال السنوات الثلاث القادمة. معدل السعر الحقيقي المتوقع للبترول الجزائري في الأسواق الدولية مقدر ب50 دولارا في 2017 و55 دولارا في 2018 و60 دولارا في 2019. سعر الصرف ب108 دينار للدولار الواحد. نسبة التضخم 4 بالمائة خلال السنوات الثلاث القادمة. المداخيل الجبائية خارج المحروقات سترتفع ب11 بالمائة سنويا إلى غاية 2019 بفعل توسيع القاعدة الجبائية وتحسين التحصيل الضريبي.