وجد بعض العلماء والفقهاء المصريين، المنتمين للأزهر، في الخلافات التي نشبت في الجزائر مؤخرا بخصوص نزع الخمار واللحية لاستخراج بطاقات التعريف وجوازات السفر البيومترية، أرضا خصبة في سبيل إخراجهم مارد الفتنة من قمقمه مجددا... وفي تولي مناصب الهجوم ضد كل ما هو جزائري، متبادلين بهذا الشكل، الأدوار مع الإعلاميين المصريين ورموز موجة القدح و////الردح/// ضد الجزائر، جاعلين من خلاف فقهي، وسؤال طرحه أحد الجزائريين على مفتي السعودية بخصوص القضية المذكورة سالفا، منصة لإطلاق الصواريخ ضد مفتي السعودية والتيار السلفي عموما، وطبعا ضد الجزائريين؟! البداية كانت من فتوى أصدرها المفتي العام للسعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مؤخرا تقضي بعدم حلق اللحي وعدم الكشف عن أذن المرأة في الصور، وذلك ردا على سؤال جزائري حول قرار السلطات، بإلزام مواطنيها حلق اللحي وإظهار آذانهم للحصول على بطاقات الهوية وجوازات السفر، وقد أثارت تلك الفتوى غضبا في الجزائر، في حين بررها البعض بعدم وجود مرجعية دينية رسمية في البلاد، ونظرا لاستمرار الفراغ في منصب المفتي، لكن العديد من علماء الأزهر، حسب جريدة روز اليوسف المصرية، هاجموا مثل تلك الفتاوي قائلين أنها "تقلّل من قيمة الإسلام كعقيدة واسعة متفهمة وغير رجعية"، بيد أن الأمر لم يتوقف هنا، وتعدى مفتي السعودية إلى سائله الجزائري، ثم الجزائر عموما. وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن "ثقافة الجزائر خليط من الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الأوروبية والتي تشكّل بها أغلب السكان"، مضيفا "فإن كانت لغتهم العربية ليست خالصة، فلا يوجد استغراب من إصدار قرار خاص بأذن المرأة"؟! ومصدر الغرابة في هذا التصريح الصادر من رجل دين مسؤول في مصر، هو المبررالذي يستعمله، حيث يربط بين "اغتراب الجزائريين المزعوم وعدم إخلاصهم للغة العربية، وبعدهم عن الدين الإسلامي"، بإمكانية التخلي عن أي تشدد في مسألة الخمار أو اللحية؟! ثم أضاف الجندي معلقا على فتوى العالم السعودي قائلا: "إنها فتوى غير منطقية، فكيف ونحن نرى تقدم العالم الغربي في صناعة أحدث الأجهزة والأسلحة ودخول دول العالم الحزام النووي ونحن مازلنا نفكر في أذن المرأة، فهو أمر يدعو للتعجب وعدم التعليق". وقد أثار تصريح هذا الفقيه المصري ردود فعل غاضبة من طرف عدد كبير من الجزائريين الذين ردوا عليه في موقع الصحيفة المصرية التي أوردت تصريحه، قائلين "أنه فتح بابا للفتنة من حيث أراد أن يغلق بابا آخر"، كما انتقدوا سخريته من الجزائريين، وكأنه يقول: "كيف لمن هم غربيون في ثقافتهم ولغتهم أن يفكروا في الخمار والأذن واللحية"، وهو تصريح أنسى العديد في قرار وزارة الداخلية وردة الفعل التي أحدثتها، لكنه أعاد الكلام مجددا عن ضرورة تعيين مفتي للجزائر، علما أن وزير الداخلية قال في معرض رده على استفسارات المواطنين بخصوص الأمر، أن الداخلية استشارت علماء فيه، واستندت إلى فتوى أصدرها الشيخ الراحل أحمد حماني، لكن ذلك لم يوقف الجدل نهائيا، بل ساهم في تقسيم الآراء بين مقتنع ورافض، ومتمرد على استخراج الوثائق الجديدة.