قررت الحكومة إعادة هيكلة تنظيم قطاع المحاسبة، وقررت تفكيك المنظمة الوحيدة التي كانت تمثل الناشطين في هذا القطاع، في محاولة من وزارة المالية لاسترجاع الكثير من الصلاحيات التي فقدتها، بعد صدور القانون رقم 91 / 08 الصادر في سنة 1991، والمنظم للمهن المتعلقة بقطاع المحاسبة. وبموجب التعديلات الجديدة، فقد تقرر إنشاء ثلاث منظمات مهنية، تتمثل الأولى في المصف الوطني للخبراء المحاسبين، والثانية في الغرفة الوطنية لمحافظي الحسابات، والثالثة في المنظمة الوطنية للمحاسبين المعتمدين. وجاءت هذه التعديلات في مشروع القانون المتعلق بمهن الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات والمحاسب المعتمد، الذي أسند عملية تنظيم المهن المتعلقة بالمحاسبة، إلى المجلس الوطني للمحاسبة، الذي اضطلع بمهمة التنظيم، بعد أن كانت مجرد جهاز استشاري، في القانون قيد التعديل. وبرّر مشروع القانون الجديد، التعديلات المدرجة ب »تدارك النقائص والاختلالات التنظيمية والتسييرية، التي أضرّت بمصداقية الدولة«، خلال العشريتين المنقضيتين، والتي كشفت عن تجاوزات خطيرة، ساهمت في سقوط الدولة في أزمات وفضائح مالية مدوية، كان لقطاع المحاسبة قسط منها، على غرار فضيحة الخليفة والفضائح التي شهدتها السنوات القليلة الأخيرة، بحيث كشفت نتائج التحقيقات التي أجريت في هذا الصدد، تضرر مصداقية التدقيق المحاسبي، دخول غير ذوي الاختصاص إلى المهنة، ونقص التأطير، وغياب الرقابة، ونوعية الأداء المهني والاختلالات المتعلقة بتسيير المجالس الوصية على القطاع. وتفاديا لتكرار الأخطاء الماضية، تقرر وضع آليات لمراقبة النوعية المهنية والتقنية لأعمال الخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات، وإسناد مهمة تكوين الناشطين في القطاع، إلى مؤسسة متخصصة تابعة لوزارة المالية، مع إشراك المعنيين في عضوية الهيئة المنظمة للقطاع، ممثلة في المجلس الوطني للمحاسبة، الذي يتشكل من ثلاثة أعضاء منتخبين من المنظمات المهنية الثلاث، ممثلة في المصف الوطني للخبراء المحاسبين والغرفة الوطنية لمحافظي الحسابات، والمنظمة الوطنية للمحاسبين المعتمدين. ومن المستجدات التي تضمنها المشروع القانوني الجديد، ضرورة حيازة المترشح لدخول المعهد المختص التابع للوزير المكلف بالمالية أو المعاهد المعتمدة من طرفه، على شهادة جامعية إضافة إلى مسابقة، وتخفيض أجل بت المجلس الوطني للمحاسبة في طلبات الاعتماد من أربعة أشهر، إلى ثلاثة أشهر، وتخفيض أجل إصدار الوزير لقراره بشأن الاعتماد من شهرين إلى شهر واحد، وتحديد سقف أقصى للتوقيف التحفظي بمدة لا تتعدى ستة أشهر. وعلى غرار الكثير من المهن الحرة، يشير مشروع القانون قيد الدراسة على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان، إلى أن حالة التنافي مع ممارسة المهنة، تقتصر فقط على العضو المنتخب في الهيئة التنفيذية بالنسبة للمجالس المنتخبة المحلية، ما يعني أن ممارسة بقية المهن تبقى مسموح بها أمام الناشطين في قطاع المحاسبة.