منذ كنّا صغارا نلعب ونمرح ونحن نلقن كلاما حتى صار من بين المقدسات التي لا يمكن تجاوزها أو نقدها، بل غدا ذلك الكلام لدى البعض الآخر من آيات القرآن الكريم أو حتى الحديث النبوي الشريف على غرار "حب الوطن من الإيمان" الذي حفظناه على أساس أنه حديث. أو "الأقربون أولى بالمعروف" الذي كان الكثيرون يعتقدون أنه آية من كتاب الله تعالى. ربما الخطأ في بعض المعلمين الذي درسنا عندهم، وربما أيضا في الكتب الصفراء التي تباع على الرفوف والأرصفة وصارت تحشو العقول بفتاوى الدمار وعقائد خرافية وأحكام لا أصل ولا فرع لها. وكما يعلم الجميع أن ذلك أدى إلى انتشار الزندقة والانحراف والتكفير والتصوف الفاسد... الخ، دفع ثمنه الجزائريون في عشرية الإرهاب الدموية. مصر همّ الدنيا لقد علمونا أن "مصر أم الدنيا" وزاد أمرها تفاعلا لما سيطرت بأفلامها ومسلسلاتها وعريها وعهرها على برامج تلفزيون يتيم ووحيد لا شريك له قبل هذا العصر الفضائي بامتياز، كان يفتتح برامجه على السادسة مساء ثم يسدل الستار بعد برنامج يعقب الأنباء المصورة مباشرة. لعب الدور أيضا في تمدد هذه الصورة النمطية آباؤنا الذين كانوا يفيضون مقاومة وتشبعوا حد اليقين ببطولات المجاهدين في ثورة التحرير المظفرة التي هي أعظم ما أنجزه المسلمون في العصر الحديث، بعد الهزائم التي توالت وتطاول بها الغزاة على العرض والأرض والروض والفيض. صرنا مغرمين بالزعيم المصري جمال عبدالناصر ومن دون أن نفهم معنى أساطيره ولا أسرار وخفايا تآمره على الأقطار العربية وحتى على الثورة الجزائرية، وبلغ بنا العشق والهيام للناصرية حتى بدأنا نتخيل أن زمن الفتوحات وأمجاد الماضي قد عادت، بل وصل بنا الغباء على غرار حمق الآخرين إلى أن اعتبرنا انقلابه العسكري على الملك فاروق عام 1952 هو ثورة حقيقية تضاف لرصيد الأمة التي رفعت هامتها باستقلال الجزائر واندحار الحلف الأطلسي الغازي وببنادق صيد سخر منها يوما جمال عبد الناصر وبكلام شنّف به مسمع الشهيد البطل العربي بن مهيدي. عبدالناصر الذي كان توسعيا إلى حد الهوس وأراد أن يتقلد زعامة الأمة لوحده، في حين ظلت سجونه تعدم فيها طاقات ورجال دين وعلماء ومفكرين وجهابذة السياسة، لم يحقق أي انتصار يمكن أن ينسب إليه وهو رئيس للجمهورية المصرية، والانتصار الوحيد الذي شارك في تحقيقه ولم يكن صاحب الشأن فيه، هو ذلك الانقلاب العسكري على حكم آل فاروق فقط أو لما عزل رفيق دربه محمد نجيب عام 1954 وهو العام الذي اندلعت فيه ثورة الجزائر. أما الحرب مع العدو الصهيوني فقد هزم هزيمة نكراء عام 1967، ثم طلع عبر التلفزيون لاستفزاز مشاعر المصريين والعرب معلنا التخلي عن الحكم والعودة لصفوف الجماهير كما زعم، هذا من أجل احتواء الغضب الشعبي العارم بعدما رفعت الشعارات الطنانة والرنانة، ولو كان صادقا حقيقة لأعلن استقالته مباشرة ومن دون ذلك المشهد الدرامي والتراجيدي الذي جعله للمرة الأخرى يسرق مشاعر السذج وهبوا في مسيرات قيل إنها عفوية وفي الحقيقة لم تكن كذلك، بل كانت مبرمجة من طرف مخابراته والمخبرين المدنيين الذين اندسوا في صفوف الجماهير التي وعد جمال عبد الناصر أن يعود إليها ولم يفعل ولن يفعل لو أطال الله في عمره، لأن الحاكم العربي الذي يتقلد الزعامة عن طريق انقلاب عسكري ثم مؤامرات على رفاق دربه ويسعى إلى احتواء المنطقة في إطار مشاريع مشبوهة وبراقة وجوفاء تتغنى بالوحدة العربية التي هي مجرد وهم لأن تحقيقها في ظل حكام من طراز ناصر أو شعوب تحكمها الإثنيات المختلفة والولاءات المتعددة لا يمكن أن تتحقق أبدا، فضلا عن إقصاء متعمد وفق أجندة مدروسة لأطراف لها الشأن القوي في صنع مجد لا يضاهيه إلا تحرير القدس في عهد الأسطورة الكردي صلاح الدين الأيوبي. لقد حاول جمال عبد الناصر أن يستثمر لصالحه ولصالح بضائعه الكاسدة والمزجاة في انتصار حققه الحفاة والفقراء الجزائريون الذين تزينوا بالشهامة واغتنوا بالكرامة وتباهوا بالكبرياء، وأراد أن يحتوي ذلك المجد التاريخي ولكنه لم يفلح بالرغم من أن الرئيس أحمد بن بلة ارتمى في أحضانه من دون الانتباه لحقيقة ما يخطط له من وراء ظهره. ولو أمعنا النظر وفي التاريخ الحقيقي غير المزيف لوجدنا أن أول من حاول التآمر على الثورة في مهدها سنة 1954 هو جمال عبدالناصر لما استهزأ من بنادق الصيد التي سيقاوم بها الحلف الأطلسي، هذا فضلا عن الأسلحة الفاسدة التي أرسلت للجزائر لاحقا وسدد ثمنها من عرق ودم الجزائريين الذي مص المستعمر عروقهم، فضلا عن أموالهم في القاهرة التي كانت تحت وصاية النظام المصري حينها. وهذا الذي تفطن له لاحقا الرئيس الراحل هواري بومدين الذي درس وتخرج من جامعة الأزهر ويفهم جيدا نفسية المصريين وحكامهم المصابين بنرجسية التعالي وجنون العظمة الفرعونية التي عبدوها من خلال تلك الأهرامات، وللأسف الشديد تنسب للفراعنة بهتانا وفي أكبر عملية تزوير للتاريخ الذي ما يخدم إلا الصهيونية وتلمودها وبرتوكولاتها. أهرامات قوم عاد ينكرها الفراعنة خدمة للتلمود لعل القارئ الكريم يتساءل عن حقيقة اتهامنا للمصريين بالتزوير التي لاحقت الأهرامات، الجواب قد ورد في دراسة رائعة أعدها الباحث المصري محمد سمير عطا، والذي قوبل بالتجاهل والتعتيم وحتى التشويه أحيانا، حيث أثبت وبأدلة كثيرة وبراهين ساطعة وشواهد قوية فيها التاريخية وأخرى دينية وتوجد حتى المسلّمات العلمية والتقنية والجيولوجية والهندسية والفسيولوجية، على أن بناة الأهرام ليسوا الفراعنة كما يتبجح النظام المصري، بل الذين بنوها هم قوم عاد الذين ورد ذكرهم في القرآن وتنكرهم الصهيونية من خلال كتبها المقدسة لأن عمر قوم عاد هو أكثر من 70000 عام وطبعا هم يرون عمر مصر 7000 عام فقط، واعتبر ذلك خطّا أحمرا لدى العقيدة اليهودية لحاجة في أنفسهم وتدينهم طبعا، فالنظام المصري الذي يتباهى بفرعونية البلاد هو أول من يتآمر عليها عندما يقلل عن عمرها بعشرة أضعاف وبما يخدم أطروحات حاخامية ترى الفراعنة أنفسهم مجرد خدم وعبيد اليهود عبر التاريخ، بالرغم أن موسى (عليه السلام) هو الذي حررهم من الاستحياء والاستخفاف والإذلال والرق. ونرى أن هيئة الآثار المصرية لا تعترف إلا بما يسوقه المؤرخون اليهود من مثل هيرودوت ومانتيون ولانجستر وهامرتن... الخ، في حين تحارب ما ينجزه المؤرخون المسلمون والعرب الذين لا يتجاهلون أبدا ما ورد في القرآن الكريم عن قوم عاد الذين "يبنون بكل ريع آية تعبثون"، وقد فسر العلماء الريع بأنه المرتفع من الأرض والآية هي بناء ضخم كالجبل وتعبثون تعني أنه لا فائدة ترجى منها، والأهرامات كلها أبنية ضخمة كالجبال مشيدة فوق التلال لا فائدة منها لأنه لحد الساعة لم يتجرأ أحد من المؤرخين على كشف ما تنطلي عليه الأهرامات من فوائد. والنوافذ الموجودة في الآثار التي تنسب للفراعنة تبين أن حجم الإنسان في ذلك العصر هو من حجمنا نحن، في حين النوافذ والأبواب بقصور أخرى تبين أن حجم الإنسان ليس مثلنا أبدا، وهذا الذي يوافق القرآن الكريم الذي وصف قوم عاد بأنهم أعجاز نخل منقعر مما يعني أن طولهم في حدود 15 مترا، وهو الذي يوافق الكثير من الأدلة ومن بينها أحجام الأحجار التي بنيت بها الأهرامات والتي لا يمكن مهما قويت وسائل الإنسان الفرعوني البدائي أن يصل بها إلى ما هي عليه الآن. وهناك أمر آخر أن هيئة الآثار عثرت على جثث عمالقة من قوم عاد الذين بنوا الأهرامات ولكنهم يخفونها لا لشيء حتى لا يثبت بهتان التوراة وصدق القرآن الذي تفرد بالحديث عن حضارة قوم عاد. لا نطيل كثيرا في تبيان زيف الفراعنة وقصر نظرهم وعجزهم وخدمتهم للعقائد اليهودية التي منها يخدمون الصهيونية بامتياز، فالمقام لا يسمح لعرض كل الشواهد، ويمكن العودة لدراسات الباحث المصري في شبكة الإنترنيت. ولم يتجلّ التزييف في حكم حسني مبارك وسوزان وأطفالهما وخدمهم فقط، بل امتد إلى فترات يحتفل بها المصريون اليوم ويعدونها إنجازات مثل معركة أكتوبر 1973 التي كانت منعطفا آخر لا يقل شأنا عن عام النكسة 1948. إن من قاد معركة أكتوبر وظنّ أنه حقق انتصارا رهيبا قد يضاهي ثورة الجزائر كما هو في المخيال الفرعوني الرسمي الموبوء، لم يلبث على عهد الحرب أياما وذيل الهزيمة بما هو أمر ويتمثل في معاهدة كامب ديفيد التي لا تزال تعود بالوبال والعار على مصر ودول المنطقة وقضية الإنسانية الأولى وهي فلسطين. فترى هل من الممكن أن نعتبر ما قام به السادات هو دليل انتصار في حين لم تسترجع مصر أرضها إلا بمعاهدة وخطاب غرامي تحت قبة الكنيست؟ لماذا العلاقات الجزائرية الفرنسية لا تزال تتقلب على صفيح ساخن منذ ما يقارب نصف قرن بالرغم من أن فرنسا الاستعمارية وقع نهايتها أبطال الجزائر عام 1962؟ ماذا لو أن فرنسا لا تزال تحتل وتعتدي على بلد جار كالمغرب أو تونس أو حتى مالي أو النيجر وتحتل أرضهم وتبيد أطفالهم، هل من الممكن أن نجد الجزائري يضع يده في يد الفرنسي الملطخة بالدم؟!! حتى وإن كانت المقارنة لا يمكن أن تحدث لأن فرنسا دولة عريقة لها أرضها وتاريخها، في حين إسرائيل ولدت من فراغ على أنقاض زعامة مصر للمقاومة والثورة، وما خلفت لنا إلا الهزائم والخيبات والنكسات التي لا تحصى ولا تعد، ولو أردنا الخوض في غمارها ما كفتنا المجلدات. عندما أجد رئيسها المريض في الجسد والعقل والروح يبرق بالتهاني إلى شمعون بيريز رئيس ما يسمى بدولة إسرائيل، ويحمل له التبريكات والقبلات وأكاليل الورود على قيام "دولة إسرائيل" والتي جاءت طبعا على أنقاض هزيمة نكراء مني بها العرب وبقيادة مصرية تحت مبرر الأمومة والأخت الكبرى. والله أصاب بالخيبة المطلقة، لأنه لا يعقل أن نقبل بهذه الزعامة وهذه الأمومة الفاسدة، لأنها أم عازبة قد حملت سفاحا بعد لحظات هوس وشبق جنسي وتبضع في أحد مواخير تل أبيب أو واشنطن التي لا يرتادها إلا الحاخامات وبارونات المال ولوبيات الكيان الصهيوني المتجول. عندما أجد آل مبارك يتآمرون على أحرار غزّة في وضح النهار، فبعد حرب الفسفور الأبيض التي باركها مبارك بقبلات على خدود ليفني وإن كانت إسرائيل لا ترى القاهرة غير منتجع للنفايات الجنسية وبقايا مخلفات بني صهيون الطبيعية والآدمية، جاءت هذه المرة تلك الجدران الفولاذية وبعدها تحقق استعمال أسلحة كيماوية في الأنفاق، بغض النظر عن المتابعات القضائية والاستخباراتية التي تطال حتى بعض الأحرار والنشامى المصريين الذين صار لا يظهر صوتهم في ظل نقيق الضفادع ونهيق الأحمرة ونباح الكلاب وتنهدات وتوجع الراقصات في الليالي الحمراء التي تنقل عبر التلفزيون الرسمي كفخر كبير لما صارت تبدعه مصر، فبعدما كانت تتباهى بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وطه حسين والعقاد وأحمد شوقي وغيرهم، صرنا لا نرى إلا سيقان يسرى وبطن فيفي وورك ليلى للأسف الشديد، ولا نسمع إلا وعود صابرين التي سترقص بحجابها لو ينهزم رفقاء عنتر يحيى في مونديال جنوب إفريقيا، وأتمنى أن لا يتحقق حلمها ليس من باب مناصرة الفريق الجزائري فقط بل غيرة على الحجاب الذي سيهان بخصر ممثلة ادعت أنها تابت لربها من ضلال العفن. لما أفتح سجل التاريخ وأجد مصر على رأس الدول العميلة التي تآمرت على العراق، ولعبت دورا في فتح أبواب الخليج للقوات والقواعد الأمريكية التي صارت تسرح وتمرح لحماية الكيان الصهيوني الذي يزحف نحو ما يملأ حلمه الممتد من النيل إلى الفرات. وأجد مصر أيضا تتآمر على لبنان من أجل أن يغدو جنوبه كصحراء سيناء فيها يقبر المصريون وتدفن النفايات النووية ويتبارى العشاق الصهاينة بالعرض المصري في وضح النهار وتحت تشجيع شركات يملكها بارونات الحزب الحاكم تحت الرعاية السامية لفخامة الرئيس مبارك وتحت الوصاية السامّة لعياله!! عندما أفتش في دفاتري علني أجد ما يشفع لهذا البلد الذي يريد أن يتزعم أمة هي في الأصل بقايا أمة من فرط الهوان لولا ما يحمرّ له الوجه من ثورة الجزائر الخالدة، أعود عليلا وقلبي يتفطر كمدا وأنا صفر اليدين من مغامرتي الفاشلة والبائسة، فترى هل من الممكن أن يقبل الآن أي أحد فيه أدنى نخوة وكرامة بأن تظل مصر هي أم الدنيا كما هو موجود في بروتكولات خبثائها ممن ينبحون صباح مساء عبر قاعات التحرير المحصنة والمكيفة ولو دعوت أحدهم يوما لرد عدوان على بلاده لبلل سرواله خوفا وذعرا؟ حطّموا أسنان من تجرأ على الجزائر أولا ربما يتساءل البعض عن مناسبة هذا الموضوع، وقد أتهم بأنني أنفخ في الرماد لأحرق كل أوراق التهدئة التي تسعى أطراف من أجل إرساء دعائمها بعد تلك الحملة القذرة التي طالت تاريخ الجزائر وشعبها الأبي الكريم. لقد ردد وبإخلاص قلّ نظيره صديقي المكرم ورفيق أيامي يحيى أبو زكريا على قناة "الجزيرة" الرياضية، كلمة ستخلد بلا شك في دفاتر تاريخنا العريق عندما قال: "سندكدك خيشوم كل من يتجرأ على الجزائر" وقلتها أنا أيضا في قناة "الكوثر" الفضائية: "سنحطم اليوم أو غدا أسنان كل من تجرأ على شهداء الجزائر"، وأؤكد هنا على أنه لن أقبل الصفح يوما ولا الحوار ولا الغفران ولا السماح ما دمت لم أر عقوبة سلطت على أولئك الذين نبحوا على أشراف الأمة ممن دفعوا دماءهم في سبيل عزتها، بل بينهم من سقط في معركة الدفاع عن حياض مصر ولا يزال دمه يعفر رمل سيناء التي يدنسها عملاء الموساد وتقطع فيها أقدام الفلسطينيين. قد أتهم بأي شيء هذا لا يهم ما دمت دوما محلّ نقد ومتابعة، أقولها حتى يعلم الجميع وعلى رأس ذلك دعاة التهدئة والصلح الأبيض، أنني متطرف إلى حد الجنون بحب الشهداء، لأن بينهم جدي وعمي وخالي وقريبي وأخي في جزائريتي. فهل من الممكن أن أسامح العربيد الذي نبش قبورهم بلسانه المخمور لمجرد تهدئة عابرة تأتي بمبادرة فردية يقودها أولئك الذين حرضوا بالأمس ومن أحضان عشيقاتهم على تلك الإساءة التي لم تحدث من قبل، حتى المستعمر الفرنسي نفسه لم يتجرأ عليها لأنه يعلم صدق وكبرياء هؤلاء الكرماء الذي أكرموا الثرى برفاتهم؟!! إن كان حال مصر أصبح على ما هو عليه من عمالة للصهاينة وتآمر على الأحرار وخيانات للشرفاء، وما دام إعلامها الذي كان من المفروض أن يناط به دور ريادي قد تحوّل إلى مجرد مواخير لا تصلح إلا للفسق والدعارة وبيع الهوى. وإن كان رئيسها يرى كرامة شعبه أنه أهين كذبا في مباراة كرة قدم بأم درمان ومن طرف أنصار أبرياء لم يثبت عليهم لحد الساعة أي شيء، في حين يغض الطرف تحقيرا للذين لا يجدون قوت يومهم ويغرقون في عبّارات ذكور حزبه، وقد تجاوز عدد الفقراء بين المصريين نسبة 40٪ في ظل ثروة يستحوذ عليها 1٪ من عصابة فاسدة يرعاها أبناء سوزان. فإننا نحن أحفاد باديس نرى كرامة شعبنا في تاريخ الشهداء الذين لا يزال يحتذى بهم في لبنان والعراق وفلسطين وسورية وكل شبر لا يزال ينشد الحرية ودحض المستعمر الغاشم. كرامة الشعب الجزائري في تاريخه ونصاعة ماضيه، في وقفاته البطولية مع أي حر يأبى العبودية ولو كان في أدغال الأمازون. ما دامت مصر تبيد أطفال غزة بالسلاح الكيماوي المحرم دوليا، لا لشيء إلا أن فقراء هذه الأرض الشهيدة قد هربوا تحت الأنفاق من أجل نجدة شعبهم المحاصر بالسلاح والقوت والحليب والدواء. ما دامت مصر آل مبارك وصل بها الحال إلى أن نيلها سيجف ماؤه بعدما جفّ عرق نيلها الفضائي بورق صحيفة مستقلة تشرق في الجزائر، وسيساوم شعب الكنانة في قطرة ماء تطفئ عطش الجوع والفقر والرغيف المفقود والنوم في المقابر وقارورات الغاز التي طارت في السماء. ما دام الحال قد وصل إلى هذا الأمر، وما دمنا سنشهد قريبا عدوانا صهيونيا جديدا قد يستهدف دمشق أو بيروت وبمباركة في شرم الشيخ، فأصرخ أنا في العالم كله ومن دون تردد أو تلعثم مفضلا الموت على حياة الذل والمكر: تبا لدنيا أمها مصر... وتبا لدنيا همّها مصر...