اقتنت الجزائر 600 وثيقة تاريخية تعود للحقبة العثمانية كانت معروضة في المزاد العلني بدار "مارمابات ملافوس" بمدينة تولوز الفرنسية، وذلك قصد إتاحتها للباحثين في التاريخ. وأفاد بيان لوزارة الثقافة، الأحد، أن هذه الوثائق التي تم اقتناؤها الجمعة الماضية، تعود إلى "فترة التواجد العثماني بالجزائر وإلى السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي" وتتمثل في مجموعة "مخطوطات وصور وخرائط وكتب نادرة". ومثّل الجزائر وزارة الشؤون الخارجية ووزارة الثقافة في العملية التي عرفت "منافسة كبيرة من طرف الكثير من الهيئات والمؤسسات الفرنسية" بالإضافة إلى جامعي الوثائق القديمة الأجانب حسب نفس البيان. وشارك في تسيير العملية الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية والمدير العام بالنيابة للمكتبة الوطنية الجزائرية وممثل القنصلية الجزائرية بتولوز، حيث قدّروا "الأهمية العلمية لتلك الوثائق". واعتبر بيان وزارة الثقافة أن اقتناء الوثائق "خطوة تكتسي بعدا سياديا في إطار الجهود التي تبذلها أعلى السلطات في الدولة لاسترجاع الأرشيف" و"تمكين الباحثين الجزائريين من إجراء الدراسات التاريخية على أساس مستندات موثوقة لتثمين الذاكرة الجماعية". ويعد ملف الأرشيف الجزائري لدى فرنسا أحد الملفات التي لا تزال محل شد وجذب بين البلدين منذ عقود. وطالبت الجزائر، بعد الإستقلال، فرنسا بتسليم جميع الأرشيفات المرحلة، لكن مطالبها بقيت معلقة، إلى غاية بداية الثمانينيات، حيث بدأت المفاوضات بين الجزائر وباريس، من خلال تشكيل لجان مشتركة، حيث اعتمد الطرف الجزائري على النصوص القانونية الصادرة عن الأممالمتحدة ومنظمة اليونسكو والندوة الدولية للأرشيفات، التي تنص "على حق الدول المستقلة في ممارسة سيادتها بأثر رجعي على الأرشيفات التي كتبت وحفظت على أراضيها، وعلى ضرورة أن تبقى الأرشيفات في الأرض التي كتبت وحفظت فيها لأول مرة". ودخل مجلس الشيوخ الفرنسي، مؤخرا، على خط "أزمة الأرشيف" من خلال تقرير أعده العضوان في المجلس، أندري غاتولان، وفانسون إيبلي، زعما فيه أنه "لا سبيل لإعادة الأرشيف المرحل من الجزائر إلى فرنسا بعد الاستقلال سنة 1962، والذي يصل طوله إلى 10 كيلومترات، وأن من أصدر هذا الأرشيف هي الإدارة الفرنسية التي كانت الجزائر تخضع لها، وبالتالي فهو يعود إلى الأملاك العامة الفرنسية"، وهو نفس الموقف الذي دافع عنه المدير العام للأرشيف الفرنسي، هيرفي لاموان. وتقول الجزائر إن مكان الأرشيف في فرنسا يبقى مجهولاً، حيث أكدت أن السلطات الفرنسية قامت منذ خمس سنوات ببعثرة الأرشيف الوطني المرحل، ونقل الكثير منه إلى أماكن أخرى مجهولة. وكان وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، قد أكد في وقت سابق، أن تميز العلاقات الجزائرية الفرنسية مرتبط "بملف الذاكرة"، وأن الجزائر لن تتنازل عن مطالبها الشرعية باستعادة كامل الأرشيف دون زيادة أو نقصان منذ بدء الاحتلال سنة 1830، بما في ذلك الذي يحمل طابع السرية، مشيراً إلى أن الجزائر تسلمت اثنين بالمائة فقط من هذا الأرشيف، بينما تبقى 98 بالمائة عند الفرنسيين.