امتزجت دموع الحزن والألم بمشاعر الغضب العارم مع تدفق أقباط، الاثنين، لتسلم جثامين ذويهم الذين قتلوا في تفجيرين استهدفا كنيستين في مصر، الأحد، وسط شعور بالحنق تجاه الدولة التي يعتقدون أنها لا توفر لهم الحماية. وقتل 45 شخصاً وأصيب عشرات آخرون في تفجيري أحد السعف الذي يمثل احتفالاً في مستهل أسبوع الآلام الذي ينتهي بعيد القيامة. وفي مشرحة المستشفى الجامعي في طنطا حاول أقباط ينهشهم القلق واللوعة الدخول للبحث عن ذويهم. لكن قوات الأمن منعتهم تفادياً للتكدس، مما فجر مشاعر الغضب بين الحشد الكبير. وصرخت امرأة كانت تبحث عن أحد أقاربها "ليه بتحاولوا تمنعونا دلوقتي؟ كنتوا فين لما ده حصل؟". وبدا البعض في حالة صدمة تامة وقد اكتست وجوههم بالذهول بينما انهمرت دموع آخرين وعلا نحيب وصراخ النساء. وأخفى رجل في منتصف العمر وجهه بيديه وهو يبكي لدى خروجه من المشرحة بعد التعرف على جثة أخيه وتعالى صراخه بينما حاول أفراد أسرته تهدئته. بعد ساعات من الهجوم كان كيرلس بهيج وأقباط آخرون يحفرون القبور في فناء في كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا حيث وقع التفجير الأول الذي أسفر عن مقتل 27 شخصاً وإصابة نحو 80. واستعرض بهيج صوراً على هاتفه المحمول للهجوم وظهرت فيها أشلاء بشرية ودماء وزجاج متناثر على أرضية الكنيسة في أحد أقدس الأيام بالنسبة للمسيحيين وقال "يوم زي ده المفروض عيد مينفعش أن يتنكد علينا". وأضاف "من دلوقتي إحنا هنحمي كنيستنا. إحنا هنعتمد على نفسنا عشان اللي بيحصل دا كتير. مش مقبول". سفك الدماء لأسباب طائفية يمثل الأقباط نحو عشرة في المائة من عدد السكان في مصر البالغ 92 مليون نسمة وهم أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن المسيحيين يعيشون في مصر منذ العهد الروماني فإنهم يشعرون بأنهم منبوذون على نحو متزايد وتستهدفهم هجمات بعضها لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي أعلن مسؤوليته عن تفجيري الأحد. وبعد ساعات من التفجير في طنطا وقع التفجير الثاني عند مدخل الكاتدرائية المرقسية في مدينة الإسكندرية المقر التاريخي لبطريرك الأقباط، مما أسفر عن مقتل 17 شخصاً بينهم سبعة من أفراد الشرطة وإصابة 48 آخرين. وقالت وزارة الداخلية، إن البابا تواضروس بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كان يرأس صلاة أحد السعف في الكنيسة وقت الانفجار لكنه لم يصب بسوء. ويقاتل التنظيم المتشدد أفراد الشرطة والجيش في شبه جزيرة سيناء منذ وقت طويل، لكن تصعيد هجومه على المدنيين المسيحيين في وادي النيل في مصر قد يحول العنف الإقليمي إلى صراع طائفي أكبر. وتوعد "داعش"، الأحد، بشن المزيد من الهجمات وتباهى بمقتل ثمانين شخصاً في ثلاثة تفجيرات نفذها منذ ديسمبر واستهدفت كنائس. ووعد الرئيس عبد الفتاح السيسي بحماية الأقلية المسيحية في إطار حملة ضد التشدد. لكن أقباطاً في طنطا قالوا، إن الأمن كان شبه غائب يوم الأحد، رغم تحذيرات متكررة في الأسابيع القليلة الماضية. وقال مسؤول كبير في الشرطة لوكالة رويترز للأنباء، إنه تم العثور على قنبلة وتفكيكها قرب الكنيسة في طنطا قبل نحو أسبوع. وقالت أميرة ماهر البالغة من العمر 38 عاماً بينما كانت في مستشفى قريب تنتظر شقيقها المصاب: "ده المفروض يكون إنذار أو تنبيه إن ممكن المكان ده يكون مستهدف.. بالذات النهاردة أحد الخوص (السعف).. على مدى العام كله ده أكبر تجمع للناس. أنا مش عارفة إزاي ده حصل". وعبر أقباط تجولوا داخل الكنيسة المتفحمة من الداخل في محاولة لاستيعاب فداحة الهجوم عن استيائهم مما وصفوه بأنه تراخي الأمن. وقال القمص صليب توفيق كبيش في طنطا، إن الشعور السائد بين ذوي الضحايا ربما يكون هو عدم التصديق. وفيما ترددت في الخارج أصوات سيارات إسعاف تنقل الجرحى قال كبيش: "لم نتوقع أن يقدم أشخاص يعيشون معنا في نفس البلد ونبادلهم الحب والصداقة ونعرفهم على مثل هذا العمل".