كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الأربعاء، عن طرد ظالم لتلميذ بمتوسطة في الشلف، ما يفرض تحقيقا حكوميا في حادثة تطرح استفهامات بشأن "حقيقة تشجيع" وزارة التربية الوطنية لظاهرة التسرب المدرسي المتفاقمة منذ سنوات. في بيان حصل عليه "الشروق أون لاين"، أفيد أنّ "هواري قدور" رئيس المكتب الوطني للرابطة التقى عن طريق الصدفة، التلميذ "هشام" المولود في 27 جوان 2001، والذي كان يدرس في السنة الثالثة متوسط بإكمالية الإخوة الشهيدين "عبد القادر وأحمد زمور" على مستوى بلدية "أم الدروع" التابعة لولاية الشلف. وجاء في البيان إياه، إنّ "هشام" بكى بحرقة بسبب طرده من المدرسة في الثالث من الشهر الجاري بسبب الغيابات المتكررة قبل العطلة الربيعية، والغريب أنّ إدارة الإكمالية لم تجتهد لمعرفة سبب غياب التلميذ المطرود، حيث اضطر "هشام" للغياب على خلفية مرض والده ودخوله في حالة غيبوبة مزمنة على مستوى المؤسسة العمومية الإستشفائية "الأخوات باج" بالشلف، انتهت بوفاته مساء الاثنين الماضي (العاشر أفريل). الحاصل أنّ "هشام" يمرّ بحالة نفسية جدّ صعبة، وسط استقالة من يجدر بهم مرافقته وتأطيره والتكفل به في مثل هذه المواقف، في بيئة اختار فيها بعض مسؤولي المؤسسات التعليمية "الاستسهال" عوض تشخيص الواقع، ما يفسّر اتساع رقعة التسرب المدرسي، وتغييب البدائل أمام المطرودين. وإذ ندّدت بحادثة الشلف، فإنّ الرابطة اعتبرت مثل هذه القرارات "إجحافا في حق التلاميذ"، و"انتهاكا لحقوق مشروع"، وعليه طالبت الحكومة ب "فتح تحقيق مستعجل في قضايا طرد التلاميذ"، في وقت "تسوّق الوزارة لمنع الرسوب المدرسي، وتوفير جميع الإمكانيات والوسائل البيداغوجية من أجل تفعيل إجبارية التعليم. وعبّرت الرابطة عن قلها الشديد إزاء ظاهرة طرد التلاميذ دون 16 سنة، ورأت أنّ ذلك يذكي الانطباع حول "التراجع الذي تتخبط فيه وزارة التربية وفشل إصلاح المنظومة التعليمية في الجزائر"، كما دقّت الرابطة "ناقوس الخطر حول تفشي ظاهرة طرد وتسرّب التلاميذ"، محمّلة القائمين مسؤولية انتشار هذه الظاهرة الخطيرة على مستقبل شباب الجزائر". وطرحت الرابطة عدة تساؤلات: - هل يمكن طرد تلميذ نهائيا رغم عدم تجاوزه ال 16، في حين أنّ المادة 12 من القانون التوجيهي للتربية صريحة، وتمنع طرد التلاميذ قبل بلوغهم السن القانونية المحددة، مهما كان المبرر. - هل تم الغاء المادة 12 من القانون التوجيهي للتربية التي تمنع طرد التلاميذ قبل بلوغهم السن القانونية؟ - أين خلايا الإصغاء داخل المؤسسات التربوية التي يفترض بها التكفل بالتلاميذ نفسيا وتربويا؟
200 ألف حالة تسرب سنويا تشير إحصائيات المرصد الوطني لحماية الطفولة إلى تسجيل الجزائر أزيد من مئتي ألف حالة تسرب مدرسي، في حين يوجد أكثر من نصف مليون طفل خارج مقاعد الدراسة، ويشير المرصد إلى استيعاب مراكز التكوين المهني لثلاثمئة ألف من هؤلاء، في حين يبقى مئتا ألف بدون أفق واضح. وسبق ل "مصطفى خياطي" رئيس المرصد أن توقع "تسجيل الجزائر أكثر من مليون طفل خارج مقاعد الدراسة في غضون 2019"، علما أنّ وزارة التربية امتنعت عن التفاعل مع فكرة إنشاء أقسام خاصة تستوعب الأطفال ذوي السلوك العدواني. ويشير الخبير النفساني "فتحي بواروي" إلى خطورة استمرار بقاء نصف مليون طفل جزائري خارج المدارس لأسباب متعددة أهمهما "الفقر" و"الجهل"، وعلى الرغم من "مجانية" التعليم، إلاّ أنّ اقتران الأخير بمصاريف ضخمة، إضافة إلى محدودية رواتب أولياء أمورهم. واللافت أنّ نسبة التحاق الشباب بالمرحلة الثانية للدراسة لا تزيد عن 40 % من الشريحة العمرية التقريبية 12 – 18 سنة، كما أنّ 90 % من التلاميذ يبلغون الصف الخامس من الإبتدائي، وعددهم يزداد تقلصا في المرحلة المتوسطة، إذ لا يزيد على طالبين من بين كل ثلاثة طلاب في الجزائر، ما يبرز معدلات الرسوب المرتفعة. وأشارت دراسات إلى أنّ الأطفال المتسربين دراسيا، غالبا ما يتم امتهانهم، وهم في أغلب الحالات أبناء لأمهات ذوات مستوى تعليمي منخفض أو لم يتلقين تعليما على الإطلاق، كما أنهم (خريجي) بيئات تعدّ الأكثر فقرا، ونجم عن ذلك انحرافا أفرز ما صار يُعرف ب"أطفال الشوارع"، فالطفل الذي خرج من المدرسة أو لم يلتحق بها لا مكان له سوى العمل، أو الشارع، وما يترتّب عنهما من مخاطر اجتماعية وتربوية، فيما يذهب السوسيولوجي "مراد عيمر" الذي يشتغل على ملف عمالة الأطفال منذ العام 1996، إلى أنّ ما لا يقلّ عن 15 % من الأطفال العاملين هم "أيتام"، ويسجل وجود ما يزيد عن ألفي متشرد في مختلف أنحاء الجزائر.