النكبة، والقضية الفلسطينية، والقدس دائما وأبدا.. كانت هاجسا مستمرا ودائما للشعوب العربية أمام التخاذل الرسمي، فأصبحت سلسلة الحورات المباشرة وغير المباشرة بين الكيان الغاصب والفلسطينيين عنوانا للخذلان والتراجع العربي عن شيمه وهباته ومنطلقاته!!.. وإنني لا زلت اتذكر هذه النكبة... وأتذكر معها العديد من الذين دخلوا التاريخ أو خرجوا منه بسبب التخاذل أو المواقف الرجولية تجاه القدس وفلسطين بعد 62 سنة.. فمنذ النكبة و إلي يومنا هذا نجد" العديد" منا معلق في سراب، وأحلام لا تتعدي الأمنيات... والشعارات كما -أنه حسب- قناعتي، وفطرتي، وعقيدتي فقضية القدس، وفلسطين ليست حكرا على جنسية معينة بقدر ما هي حكر لجميع المسلمين، فالتفريط في حقها قد يخدش عقيدتنا، فهي القضية المحورية بدون منازع، وبدون أولويات ولا بد....!!! فجميع الاتفاقيات التي أبرمت بين الكيان الغاصب، ووصولا إلى إعلان المبادئ "بأسلو" وما أتبعه من اتفاقيات لاحقة، كاتفاقية القاهرة، وواشنطن، كلها تحمل عنوان "التسويف" و"عدم البت" في القضايا الجوهرية بحجة إنجاح الحوارات والمفاوضات وبناء الثقة ...!!!والمرحلة الانتقالية مستمرة، بل إنه منذ صدور هذه الاتفاقيات "زاد" بطش الإسرائيليين، أمام مرئى وعجز المجتمع الدولي، سواء باستخدام أسلحة محرمة دوليا، أو باستعمال القوة المفرطة.. أو بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بحجة الدفاع عن النفس، او محاربة "الإرهاب".. وتناسى المجتمع الدولي "إرهاب" الدولة الصهيونية "الممنهج" بصفة مدروسة.. ومن المفردات القانونية التي جاءت بها مختلف اتفاقيات "الخذلان" العربي، استعمال مصطلح "إعادة الانتشار" بدلا من "الانسحاب!!".. و"الأراضي الفلسطينية المحتلة " بدلا من "الأراضي المحتلة الفلسطينية" أو "الأراضي العربية المحتلة"!! والمقصود منها مزارع شبعا اللبنانية والجولان السورية وغيرها. فأصبحت هذه المفردات واقعا مفروضا -في بعض الأحيان- على الدبلوماسية العربية، وخط رجعة خطير يُأسس لواقع عربي رسمي متخاذل ومزرٍ أحيانا أخرى. كما أن مختلف الاتفاقيات المبرمة، ودلالات نصوصها تحاول إبعاد مفردات القانون الدولي الإنساني، وعدم نفاذها سواء في مناطق السلطة الفلسطينية أو في الأراضي المحتلة، وكأن اتفاقيات جنيف الرابعة والخاصة بحماية المدنيين خارج نطاق التغطية، وذلك خوفا من المطالبة بتقرير المصير لسكان تلك الأقاليم وفقا لقواعد القانون الدولي العام والشرعية الدولية، فلا يجب لكأس العالم، ولا العديد من المسكنات الأخرى أن تنسينا أن القضية المحورية، وأساس الصراع العربي الإسرائيلي، وجذور عدم التفاهم بين الغرب الداعم "للابن المدلل"، والعالم الإسلامي المغلوب على نفسه، بالأساس هو "القدس الشريف". فمؤخرا -مثلا- شهد العالم "بصمت" و"جمود" جرائم مباشرة عن طريق الفضائيات سواء في غزة أو في جنوب لبنان باستعمال وسائل حرب، ليست فقط غير مشروعة، بل محرمة دوليا، كالفسفور الأبيض.. ثم شهد شاهد من أهلهم "تقرير غولدستون" بارتكاب الكيان الغاصب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة، دون أن نشهد حيوية من المجتمع الدولي، كما عودنا في العديد من الملفات الإقليمية الأخرى!!، وذلك الهروب الى الوراء كان بتبريرات غير مؤسسة، او تستطيع أن تشم منها رائحة وقناعة وهو أن العالم فعلا -كما قال "ماهتير": مسير عن طريق "الريموت كنترول" أو "بالوكالة" من طرف الكيان الصهيوني. ومما لا شك فيه، ونحن نذكر أنفسنا بالنكبة، او النكسة، أن الاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سواء كانت القتل العمد، أو التعذيب، أو استخدام بعض الأسلحة غير المشروعة، او تدمير للممتلكات، او التهجير القسري للأفراد، تعتبر "جميعها" على ضوء القانون وبدون منازع، انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، وبخاصة المادة 146 والمادة 147، كما نصت المادة الخامسة من البرتوكول الإضافي الاول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة على اعتبار الانتهاكات "الجسيمة" للاتفاقيات والبروتوكولات، بمثابة جرائم حرب، وأنه في موطن آخر من المادة 86 من البروتوكول ذاته أنه يترتب إلقاء مسؤولية مباشرة وجماعية على عاتق الدول الأعضاء في اتفاقية جنيف الرابعة.... أمام هذه الشواهد القانونية وغيرها، نلاحظ صمتا مطبقا لمختلف الآليات التابعة للأمم المتحدة، والتي لها مسؤولية اخلاقية لا تقل أهمية عن مسؤوليات المجتمع الدولي، في المأسآه التي يعيشها الفلسطينون منذ الأربعينيات وإلى يومنا هذا، فنلاحظ على المشهد صمتا، وتجاهلا، ولا مبالاه، وكأن الأمر غير متعلق لا بالفصل السادس ولا بالفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الخاص بالأمن والسلم الدوليين... وأمام اختلال منطق "العدالة" ومدى حاجة الشعب الفلسطيني للحماية الدولية في ظل الجرائم الجسيمة، لا نجد إلا أن نقول كما قال أحد الأمراء العرب "حسبي الله ونعم الوكيل"...!!!