بعد "واناكراي" المرفق بطلب فدية كشف خبراء المعلوماتية عن هجوم جديد واسع النطاق اخترق مئات آلاف الحواسيب في العالم عن طريق برنامج خفي يدعى "اديلكوز" يستغل الثغرات الأمنية نفسها لتمويل القراصنة بعملة افتراضية جديدة، حسب ما نقلت وكالة فرانس برس، الخميس. وقال الباحث نيكولا غودييه الخبير في الجريمة الإلكترونية في شركة الأمن المعلوماتي "بروفبوينت"، إنه بعد الهجوم الذي بدأ الجمعة، "اكتشف الباحثون في الشركة هجوماً جديداً على صلة بدودة واناكراي، يسمى اديلكوز. ويستخدم (الفيروس الجديد) القادر على التواري بشكل أفضل ولغايات مختلفة، أدوات قرصنة كشفت عنها مؤخراً وكالة الأمن القومي الأمريكية ونقاط الضعف التي صححتها مايكروسوفت". وتتمثل أعراض الهجوم بالنسبة للمستخدم في تباطؤ أداء الحاسوب ويرجح أن الهجوم بدأ في 2 ماي أو حتى 24 أفريل 2017 ولا يزال مستمراً. وأضاف روبير هولمز المسؤول في الشركة ذاتها: "لا نعرف حتى الآن حجم (الأضرار) لكن مئات آلاف الحواسيب" اخترقت على الأرجح، مؤكداً أن الهجوم "أوسع نطاقاً" من هجوم "واناكراي". وقالت شركة "بروفبوينت"، أنها كشفت "اديلكوز" وهي تتقصى "واناكراي" الذي شل في أوروبا خدمات الصحة العامة البريطانية ومصانع شركة "رينو" للسيارات وغيرها. وعملياً يتسلل هذا البرنامج الخبيث إلى حواسيب ضعيفة بسبب الخلل ذاته في نظام "ويندوز" الذي استخدمه "واناكراي" وكشفت عنه الوكالة الأمريكية للأمن القومي وأعلنت مجموعة قراصنة "شادو بروكرز" تسريبه عبر الإنترنت في أفريل. وبعد اختراقه الحواسيب وتوغله فيها يقوم البرنامج الخبيث وبشكل خفي بإنتاج وحدات من عملة افتراضية لا يمكن تتبعها تسمى "مونيرو"، شبيهة بعملة "بيتكوين". ويتم استخراج المعطيات التي تتيح استخدام هذه الأرباح وإرسالها إلى عناوين مشفرة. ورغم أن "بيتكوين" المعروفة في التداولات الافتراضية تضمن السرية لمستخدميها غير أنه يمكن تتبع مساراتها. أمام "مونيرو" فهي كتيمة لأن سلسلة التحويلات فيها مشفرة تماماً وهذا ما يجعل القراصنة مولعين بها. وأضاف غودييه، إنه "بالرغم من أنه أكثر مواراة وليست لديه واجهة تظهر للمستخدم، فإن هجوم اديلكوز يدر عائدات أكبر على قراصنة الإنترنت. فهو يحول المستخدمين المتضررين دون إرادتهم إلى مشاركين في تمويل مهاجميهم". وقال جيروم بيلوا الخبير في شركة " ويفستون"، إن هذه الأموال الافتراضية "ليست أموالاً تتم سرقتها من أحد". وتتمثل أعراض الهجوم بالنسبة للمستخدم خصوصاً في تباطؤ أداء الحاسوب، وصعوبة الوصول إلى ملفات "ويندوز" المشتركة. خشية من هجمات أخرى وللمفارقة، فإن "اديلكوز" وفق بيلوا "أقل ضرراً على الشركات لأنه لا يشل خدماتها ولا يركعها مثل واناكراي الذي يشفر الملفات ويطالب بفدية لفك الشيفرة". عندما كشف عن ثغرات أمنية في نظام "ويندوز" وعن سبل استغلالها الشهر الماضي، أصيب خبراء الأمن المعلوماتي بالهلع لأنهم يعرفون أن ذلك يفتح الباب أمام هجمات لا سابق لها وفق جيروم بيلوا. وقال خبير فرنسي آخر طلب عدم ذكر اسمه، إن "المشكلة هي أننا لا نعرف على وجه التأكيد منشأ الهجوم" الذي لم ينفذ عبر "التصدي الاحتيالي" (فيشنك) للبريد الإلكتروني مثلما كانت عليه الحال في أكثر الأحيان. وقال نيكولا غودييه: "هناك شركتان كبيرتان تستغلان الثغرات بالأدوات التي طورتها وكالة الأمن القومي الأمريكية ونحن ننتظر أن تتبعها أخرى". وكشفت مدونة إعلاناً نسبته إلى قراصنة "شادو بروكرز" عن نيتهم اعتباراً من جوان ومقابل مبالغ مالية "كشف معلومات كل شهر" عن نقاط ضعف تتيح قرصنة نظام "ويندوز 10" الذي كان بمنأى حتى الآن عن الهجمات. وهددت كذلك باختراق معلومات البرامج النووية والصاروخية في روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وبنشر معلومات مصرفية من مختلف أنحاء العالم. في المقابل، قالت مايا هوروفيتس المحللة لدى "تشيكبوينت" في بيان، أن "واناكراي يواصل انتشاره رغم تباطئه". وقالت الشركة، أن القراصنة جمعوا حتى الآن 75 ألف أورو من خلال بعض الحواسيب المخترقة التي يطالبونها بفدية قدرها 300 دولار. واخترق "واناكراي" أكثر من 300 ألف حاسوب في نحو 150 بلداً، حسب توم بوسير، مستشار الأمن الداخلي للرئيس الأمريكي، منذ الجمعة، وتحدث خبراء الأمن المعلوماتي عن صلة محتملة مع كوريا الشمالية.