القرار المفاجئ الذي اتخذه رئيس الجمهورية أمس بإنهاء مهام الوزير الشاب مسعود بن عقون بعد 48 ساعة فقط من تنصيبه على رأس وزارة السياحة، يثير أكثر من تساؤل حول الطريقة التي اعتمدت في اختيار أعضاء الحكومة الجديدة، وهل تم التدقيق في سِيَرهم الذاتية وإنجازاتهم المهنية؟ أم إن اقتراحهم من قبل رؤساء الأحزاب كافٍ لتكليفهم بمهمة وزير في الدولة الجزائرية؟! ومن الواضح أن الأصوات التي استهجنت تعيين هذا الشاب ضمن الطاقم الحكومي الجديد لم تفعل ذلك لأنه شاب في مقتبل العمر، فالكثير من الشباب أظهروا كفاءة نادرة في المجالات التي يعملون فيها، ومن المظاهر الصحية وجود الشباب في أعلى المراتب، لكن أن يتم تعيين شاب فشل في بناء نفسه ليقود قطاعا حكوميا فتلك هي المعضلة التي لم يستسغها أحد. وهنا نشير إلى مفارقة حدثت لنا في قاعة التحرير عندما كنا بصدد إعداد ملخّصات عن السّير الذّاتية للوزراء الجدد المعيَّنين في الحكومة الجديدة، إذ لم نجد شيئا يمكن ذكرُه لهذا الشاب إذا استثنينا نشاطه في إطار الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين وبعد ذلك في إطار الحركة الوطنية للطلبة الجزائريين، وهي فيما يبدو كيانٌ منشق عن الهيئة الأولى، وعليه لاشيء يمكن وضعُه ضمن الخِبرات المهنية، اللهم إلا بعض الحركات الاحتجاجية وأبرزها غلق مطعم جامعي! بل إن هذا الشاب فشل كذلك في المرور إلى المجلس الشّعبي الوطني بعد أن تصدّر بباتنة قائمة الحركة الشّعبية الجزائرية التي يقودها عمارة بن يونس، ليتم اقتراحه لتولي منصب وزير السياحة من قبل بن يونس الذي تشير الأخبار المتداولة بأن هذا الأخير اقترح نفسه كذلك، حاله حال وزير حزب "تجمع أمل الجزائر" عمار غول، إذ آثرت الرئاسة إعطاء الفرصة للوجوه الجديدة في هذه الأحزاب بدل بن يونس وغول اللذين عمّرا في الحكومة. يحدث هذا عندما تغيب التقاليد السياسية التي تضمن وصول الكفاءات إلى المناصب العليا، لا أولئك الوصوليين الذين يستبدلون الكفاءة بالولاء والمبالغة في تبجيل رئيس الحزب ليضمن ثقته ودعمه للوصول إلى المسؤولية، وهو بالذات ما حدث مع هذا الشاب الذي وجد نفسه وزيرا بمؤهَّل واحد هو بطاقة الانخراط في حزبه، وليتها كانت كتلك التي تحدَّث عنها الراحل الهاشمي شريف.