أنهى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، مهام وزير السياحة الجديد، مسعود بن عقون، بعد يومين فقط من تنصيبه، بناء على تحقيقات أمنية أثبتت «فضائح بالجملة» في ملفه الإداري الذي كشف أنه متابع قضائيا ويملك شهادة جامعية مزورة، حسبما تناقلته مصادر إعلامية. يؤكد هذا القرار المفاجئ عزم رئيس الجمهورية شخصيا ومؤسسات الدولة على التصدي ومواجهة الفساد الذي نخر الاقتصاد الوطني وأفسد الحياة العمومية والاقتصادية على وجه الخصوص وأفقد ثقة المواطن في مسؤوليه. يذكر بأن بن عقون عين في إطار «الكوطة» الخاصة بالأحزاب السياسية لتكون ممثلة في الحكومة، وقدم من طرف حزبه الحركة الشعبية الجزائرية على أساس أنه «كفاءة لكن مصالح الأمن أثبتت لاحقا أنه يحوز على شهادة جامعية مزورة، ومورط في عديد القضايا منها واحدة حكم عليه فيها بست سنوات سجنا. تطرح قضية بن عقون مسار التحقيقات في تولي المسؤوليات سواء في شقها المهني أو ما تعلق بالجانب السلوكي والأخلاقي. وهنا تطرح أسئلة جدية للوهلة الأولى: أولا: كيف تم أولا ترشيحه للتشريعيات على رأس القائمة وهو مسبوق قضائيا؟!. ثانيا: كيف لم يتفطن حزب عمارة بن يونس إلى هذه الشبهات؟ !. ثالثا: على مستويات مختلفة سواء في المؤسسات والإدارات تتسرب عدة أسماء لتتولى مسؤوليات إدارية ومنتخبة ثم يتفطن لاحقا إلى أنها لا تتمتع بالكفاءة المهنية لذلك المنصب أو لجوانب مرتبطة بالسلوك والأخلاق، فكيف تمكن بن عقون من الوصول إلى الحكومة دون أن يكتشف أمره؟!. من جهته، تساءل الرأي العام الوطني ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، عن مسؤولية حزب الحركة الشعبية الجزائرية وعلى رأسه رئيسه عمارة بن يونس في اقتراح بن عقون لتولي منصب وزير بالرغم من أنه لم يتمكن من انتزاع مقعد في البرلمان ولم يفز في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي ترأس فيها قائمة الحزب بولاية باتنة. كما تساءل المواطن الجزائري أيضا عن السبب وراء اقتراح عمارة لبن يونس بن عقون «البطال» كوزير دون غيره، بالرغم من أن حزبه يضم عدة إطارات وكفاءات تملك شهادات جامعية ولها خبرة مهنية في عدة ميادين وملفاتها القضائية نظيفة. كما تفتح قضية بن عقون المجال لتوسيع التحقيقات للكشف عن الجهات التي مكنته من الوصول إلى هذا المنصب وإلى قبول ملف ترشحه للانتخابات التشريعية كون القانون يمنع المسبوقين أو المتابعين قضائيا من الترشح. في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن تواطؤ جهات في ولاية باتنة أخفت إدانته القضائية وزكت ملفه للترشح للانتخابات التي لم يزكه فيها الشعب الباتني الذي ربما كان على علم بهذه «الفضائح». هذه الفضائح تسجل أيضا في المجالس المنتخبة عموما إذ يكفي أن نعلم أن أكثر من 800 رئيس بلدية سابقا وحاليا متورطون في قضايا الفساد. وسبق أن فتحت العدالة متابعات ضد ولاة ومسؤولين ورؤساء دوائر ونواب وورؤساء مؤسسات كبرى مما يطرح إشكالية حقيقية بشأن دراسة السيرة الذاتية قبل تولي المسؤوليات. ما حدث مع بن عقون حتى وإن كان سابقة بوصوله إلى الوزارة وليس اقتراحه فقط، غير أن مثل هذه التسريبات تحدث في العالم والدليل على ذلك قيام الرئيس الفرنسي الجديد امانويل ماكرون بتأجيل الإعلان عن تشكيلة حكومته مؤخرا ب24 ساعة عن موعدها الذي كان مقررا، وذلك لاتخاذ الوقت الكافي لدراسة التحقيقات الخاصة بوزرائه لمعرفة إن لم تكن لهم مشاكل مع القضاء أومع مصالح الضرائب. والأمثلة عن الأسماء التي كانت متداولة لتولي مناصب مسؤولية كبيرة بما فيها منصب رئيس وسقطت قبل الوصول إلى المنصب بسبب ملفاتها القضائية والفضائح الأخلاقية في العالم كثيرة ونذكر منها قضية رئيس صندوق النقد الدولي دومنيك ستروس كان الذي كان يرغب في الترشح للرئاسة الفرنسية في 2012 وأقصي منها لاتهامه بقضية أخلاقية والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، والمترشح الأخير للرئاسيات الفرنسية أيضا فرنسوا فيون لاتهاماهما بقضايا الفساد. وحتى إن وصل بن عقون إلى الوزارة غير أن هذا الأمر تم استدراكه قبل فوات الأوان، حيث مكنت تحقيقات مصالح الأمن من إبطال مفعول «قنبلة» من المتوقع جدّا أن تفجّر في أية لحظة لاحقا.