برمج الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زيارة إلى الجزائر "خلال الأسابيع المقبلة"، لكن من دون أن يضبط موعدا محددا لهذه الزيارة، التي تعتبر الأولى من نوعها له، منذ أن اعتلى سدة قصر الإيليزي الشهر المنصرم. وجاء الإعلان عن هذه الزيارة في مكالمة هاتفية أجراها الرجل الأول في فرنسا، مع نظيره الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، تطرقت إلى عدد من الملفات والقضايا التي تهم الجزائر وباريس، وفي مقدمتها الأزمة الليبية، والوضع في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، وأكدا على "عزمهما المشترك في تضافر الجهود قصد اجتثاث الإرهاب في منطقة الساحل"، على حد ما أورده بيان صادر عن رئاسة الجمهورية. وأضاف البيان أن "المحادثات كانت فرصة لرئيسي الدولتين للتأكيد على رغبتهما في تقوية علاقات الصداقة والتعاون بين الجزائروفرنسا"، فيما قالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون عبر عن رغبته في بناء علاقات صداقة وثقة مع الجزائر، التي وصفها ب"الشريك الاستراتيجي" لفرنسا، علما أن هذه المكالمة جاءت عشية زيارة ماكرون لجنوده في مالي. وكان ماكرون قد زار الجزائر في فبراير المنصرم، بينما كان بصدد تنشيط حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية، وخلال تلك الزيارة أدلى بتصريحات غير مسبوقة عن الاستعمار الفرنسي للجزائر، والذي وصفه ب"الجريمة ضد الإنسانية"، أحدثت ضجة كبيرة يومها في فرنسا، كانت وراء تراجعه جزئيا عن بعض مضامين ذلك التصريح. ويوصف ماكرون بأنه صديق الجزائر، وهو التوصيف الذي أعطاه إياه رئيس الدبلوماسية الجزائرية السابق، رمطان لعمامرة، عشية الانتخابات الرئاسية الفرنسية، الأمر الذي كان وراء تأكيد بعض المراقبين بأن الجزائر اختارت مرشحها في تلك الانتخابات. وجاءت المكالمة الهاتفية بين ماكرون وبوتفليقة قبل أيام قليلة من زيارة المسؤول الفرنسي للمغرب، ما يرجح أن يكون ماكرون، قد طمأن نظيره الجزائري بخصوص ما قد يتسرب من تأويل عن توقيت زيارته إلى المغرب، التي خالفت تقليدا فرنسيا على هذا الصعيد، منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى سدة قصر المرادية قبل أزيد من 18 سنة. فقد اعتاد الرؤساء الفرنسيون أن يزوروا الجزائر قبل غيرها من بلدان المغرب العربي في أولى وجهاتهم إلى المنطقة، منذ الرئيس الأسبق، جاك شيراك (2002/ 2007)، ثم نيكولا ساركوزي (2007/2012) وأخيرا فرانسوا هولاند (2012/2017)، الأمر الذي من شأنه أن يدفع الطرف الجزائري إلى التساؤل حول ما إذا كان التراجع عن هذا التقليد حركته خلفيات معينة، أم لاعتبارات بعيدة عن مثل هذه القراءات. وتقول أوساط فرنسية مقربة من الإيليزي، إن اختيار ماكرون المغرب كمحطته الأولى في زياراته إلى المنطقة المغاربية، إنما راجع لكونه زار الجزائر خلال الحملة الانتخابية في فبراير المنصرم من دون أن يزور المغرب، وهو تبرير يبدو أنه لم يلق التجاوب المطلوب من قبل الطرف الجزائري، بدليل عدم تحمس وسائل الإعلام العمومية لنشر فحوى المكالمة التي أجراها ماكرون مع بوتفليقة، إلا بعد مرور نحو 24 ساعة من الكشف عنها من قبل قصر الإيليزي في بيان.