يصطدم المصطافون على شواطئ البحر بسلوكات مقززة تعكّر عليهم صفو الراحة والاستجمام، وتنغص عليهم ارتياد الشواطئ، دون أن يردع المتسببون في الإزعاج ودون أدنى اعتذار بدعوى أن الشاطئ ملكية الجميع ومن لم ترقه الحال فما عليه سوى المغادرة. ولم تعد الشواطئ الجزائرية مفتوحة أمام الباحثين عن الراحة والاستجمام والتمتع، وبالرغم من أن الحكومة الجزائرية أقرت العديد من القوانين لحماية الشواطئ وتوفير الراحة للمصطافين، إلا أن مجانية الشواطئ تحولت إلى كابوس ومصدر لتنفير العائلات.. تتكرر المشاهد المزعجة على شواطئ البحر في كل موسم دون أن تتحرك السلطات المحلية لفرض وضبط النظام على مستواها أو حتى تخصيص أعوان يستقبلون شكاوى المواطنين وينظرون فيها. ومن بين أهم المنغصات التي وقفت عليها "الشروق"، تحويل الشواطئ إلى فضاءات لغسل السيارات وملاعب لاحتضان المباريات والمقابلات الكروية بالإضافة إلى فتحها أمام سباحة الحيوانات من قطط وكلاب دلّلها أصحابها فوق الحدود والتوقعات.
كلاب وقطط.. أحصنة وجمال "تسبح" بالقرب من المصطافين.. لا يتوانى بعض الشباب في اصطحاب حيواناتهم من قطط وكلاب إلى الشاطئ رغم ما يشكله ذلك من إزعاج، فكثيرا ما نفاجأ بكلاب تسبح قريبا من الشاطئ بعد أن خضعت لدورات تدريبية مكثّفة من قبل أصحابها الذين يجدون متعة كبيرة وهم يتسلون مع حيواناتهم، حتى إنّ منهم من يقترب من بقية المصطافين ويرعبهم لخشيتهم من الحيوانات واصطدامهم بها فجأة. ومن المشاهد الأخرى التي يصنعها المبزنسون بحيواناتهم، اصطحاب الجمال والأحصنة إلى الشاطئ لتنظيفها و"تحميمها".
شواطئ تتحول إلى فضاءات لغسل السيارات ويغتنم بعض السائقين فرصة وجودهم على الشواطئ لغسل سياراتهم على اعتبار أنهم يقطنون طوابق عليا ويملؤون فراغهم ويوفرون على أنفسهم ثمن الغسل في محلات غسل السيارات. ويدخل هؤلاء سياراتهم إلى عمق البحر ويغمرونها بالمياه.. وهو ما أثار سخط الكثير من المصطافين الذين عبروا عن رفضهم الظاهرة الغريبة والدخيلة.
كرات قدم تتهاوى على الرؤوس يحلو لبعض المصطافين تنظيم مقابلات لكرة القدم أو كرة السلّة على مقربة من البحر، الأمر الذي يسبب التذمر لبقية قاصدين الشواطئ لما يلاقونه من ضربات على رؤوسهم بتلك الكرات التي تتقاذفها الأقدام. وما يزيد من سخطهم عدم تهيئة تلك المساحات والفضاءات، حيث إنها قريبة جدا من مظلات المصطافين وخيمهم، فضلا عما يصاحبها من ضجيج بسبب الأصوات المرتفعة والأهازيج الجماهيرية.
فضلات بيولوجية على الرمال وتبوّل في المياه الأفظع من كل ما سبق، السلوكات غير الأخلاقية والمظاهر غير الحضارية التي يقدم عليها بعض المصطافين من تبوّل داخل البحر.. فغالبا ما نشاهد أمّا أو أبا يحملون أطفالهم إلى داخل البحر، ليس لتلقينهم فنون السباحة وإنما لمساعدتهم على قضاء حاجاتهم البيولوجية، ومنهم من لا يكلّف نفسه الابتعاد لتغيير حفاظة طفله الرضيع لتعم الروائح الكريهة المكان. ومن المشاهد المقززة أيضا، ما يقدم عليه البعض من دفن فضلاتهم تحت الرمال، حيث عادة ما يفاجأ الأطفال وهم يلعبون على الشاطئ بها.. طبعا يحدث هذا بسبب عدم تكليف المصطافين أنفسهم المشي بضع مترات والتنقل إلى المراحيض العمومية المسخرة لهذا الغرض.
"الشروق" في جولة ميدانية إلى شواطئ العاصمة كانت وجهتنا إلى بعض شواطئ عاصمة البلاد، التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد تضارب تصريحات المسؤوليين حول مجانية الشواطئ من عدمها وحول الاستعدادات التي أقرتها السلطات لنجاح موسم الاصطياف.. من بينها توفير النظافة وتوفير كل سبل الراحة.. ولكن بين التصريحات والواقع فرق شاسع، حيث يخيل إليك وأنت تجوب الشواطئ، أنها تحت وصاية البزناسية وليس السلطات المحلية بسبب الانتشار الرهيب للنفايات وانعدام أسباب الراحة.
شمسيات قديمة ومهترئة لاستقبال المصطافين كانت الوجه الأولى شاطئ الجميلة المعروف بشاطئ "لامدراك"، حيث لمسنا انزعاج العديد من المواطنين أو بالأحرى المشجعين على السياحة الداخلية، حيث وجدناهم يفترشون الرمال دون شمسيات وكراسي في بعض الشواطئ، متسائلين في نفس السياق عن أسباب تماطل المصالح الولائية في تنصيب الشمسيات، وإن وجدت تلك الشمسيات فحدث ولا حرج، حيث امتنعت السلطات عن تنصيب الشمسيات الجديدة، واستعانت بالقديمة المهترئة التي تعاني من الثقوب. تركنا الشاطئ وتوجهنا إلى شاطئ زرالدة، حيث لاحظنا انتشارا فادحا للنفايات والأوساخ والروائح الكريهة، فضلا عن استفحال الحشرات على غرار الذباب والبعوض.. الأمر الذي شوه صورة الشواطئ، وهذا نتيجة عدم احترام المصطافين الشروط اللازمة للاصطياف وانعدام الثقافة البيئية.
القمامة.. مسؤولية السلطات أم المواطن عبر بعض الزوار عن تذمرهم الكبير من كثرة النفايات التي أضحت ديكورا أسود. وأكدت إحدى المصطافات أنهم في العديد من المرات يشمر الكثير على سواعدهم ويقومون بتنظيف المكان الذي يقيمون فيه. وحتى مياه الشواطئ لم تسلم هي الأخرى. وحتى في مواقف السيارات "الباركينغ"، لاحظنا انتشارا واسعا للقمامات عبر حواف الطرقات والأرصفة، فضلا عن قارورات الخمر وحفاظات الأطفال والأكياس البلاستيكية وعلب الحلويات.
مضاربة في مجانية الشواطئ
وأثناء وجودنا في الشاطئ طلبنا من أحد العاملين "باراسول" وطاولة وكراسي، حيث طلب منا دفع مبلغ 800 دينار مقابل طاولة وكرسيين، بالرغم من أن الثمن المتفق عليه هو 500 دينار وثمن "الباركينغ" في بادئ الأمر كان ب 50 دينارا، ولكن نفس المصالح أقرت فيما بعد 100 دينار، ولكن الواقع غير ذلك، حيث يجبرك الشباب التابعون إلى ولاية الجزائر على دفع 200 دينار بالإضافة إلى فرض ضرائب أخرى على غرار 100 دينار سعر قارورة مياه معدنية، غاليا ما يتم ملؤها من الحنفية للاحتيال، بالإضافة إلى 300 دينار سعر ساندويش مكون من "جبن وكاشير".. وبعملية حسابية بسيطة: فإنه يكلفك 1400 دينار.