تخوّف الشّركاء الاجتماعيّون من حدوث "انفلات وانزلاقات" مع بداية السنة الدراسية، بسبب كم المشاكل التي ظهرت، ووقفت أمامها وزارة التربية عاجزة، إلى درجة وجدت نفسها مضطرة لاقتراح حلول "ترقيعية"، أهمها جعل الأسبوعيْن الأوُّليْن للدخول المدرسي، مقتصريْن على التقويم التشخيصي للتلاميذ فقط، وإرجاء استعمال الكتب المدرسية إلى وقت لاحق. صُنف الدخول المدرسي للسنة الدراسية 2017/ 2018 حسب نقابات التربية وأولياء التلاميذ، من بين الأسوأ مقارنة بسنوات خلت، فمشاكله ظهرت على جميع المستويات، الإدارية والبيداغوجية والوسائل التربوية، وهو ما ينذر باندلاع احتجاجات، ظهرت بوادرها مع خروج العشرات من أولياء التلاميذ محتجين على الظروف السيئة لتمدرس أطفالهم، آخرها احتجاجات بكل من الشعيبيّة بأولاد الشبل حيث أغلق المحتجون متوسطة، وبعين البنيان بالعاصمة. وفي هذا الصّدد، عدّدت "الأسانتيو" جملة المشاكل التي رافقت الدخول المدرسي، وأهمها انعدام كتب الجيل الثاني في المؤسسات التربوية، غلق المطاعم المدرسية وسوء تسييرها من طرف البلديات، وأيضا مشكل الاكتظاظ، والذي اعتبره القيادي والمكلف بالتنظيم في النقابة الوطنية لعمال التربية ل"الشروق"، "مشكلا متكررا سنويا"، ومستنكرا في الوقت نفسه الحل "السحري" الذي اقترحته وزيرة التربية، نورية بن غبريط، عندما قالت "إن الأستاذ الكفء بإمكانه التحكم في أي عدد من التلاميذ"، و- حسبه- الوزيرة دائما ما تحمل غيرها وخاصة الأساتذة، نقائص الوزارة، ومعلقا "الأستاذ الكفء بإمكانه التحكم في قسم نموذجي يضم بين 30 و35 تلميذا، ولكنه لا يستطيع أداء مهمته البيداغوجية مع 60 تلميذا". وتحدث يحياوي، عن فوضى التعيينات، بعدما لم يلتحق إلى حد الساعة مئات من الأساتذة بأقسامهم في جميع الأطوار التعليمية، وسببه حسب محدثنا أن مديريات التربية لم تستطع ضبط العدد الحقيقي للمناصب الشاغرة، بعد خروج المتقاعدين بعدد كبير، في وقت رفض كثير من الأساتذة الجدد خاصة من النساء المعينات في الطور الابتدائي، الالتحاق بمناصب عملهم بولايات بعيدة، بسبب عدم توفير الوزارة لأماكن إقامتهم، مع تأخر حصولهم على الراتب الشهري، ما يضطرهم لدفع عطلة مرضية مع بداية الدخول المدرسي. وأرجع القيادي في "الأسانتيو" سبب المشكل، إلى الاستعانة بالقائمة الاحتياطية الوطنية للتوظيف، والتي توظف الأستاذ في أي ولاية بمجرد حدوث شغور.
غياب الكتب المدرسية سيؤخر عدد أسابيع التدريس ورأى يحياوي في تصريحات بن غبريط حول تأخير التدريس بالكتب لأسبوعين بعد الدخول المدرسي، واكتفاء الأساتذة بالتقويم التشخيصي للتلاميذ، بأنه "حلول ترقيعية "، لجأت إليها الوزارة للتغطية عن عجزها في ضمان دخول مستقر، مثلما وعدت به سابقا. وإعطاء مهملة لنفسها لحل المشاكل. والعملية ستطرح إشكالا متكررا، وهو تأخر المنظومة التربوية الجزائرية في عدد أسابيع التدريس، مقارنة بالدول الأخرى التي تصل إلى 36 أسبوعا وفي الجزائر ما بين 23 و33 أسبوعا. فيما شهدت مؤسسات تربوية أخرى، شغورا كليا لطاقمها الإداري، فلا المدير ولا مستشار التربية ولا الناظر موجودون. وتتخوف "الأسانتيو" من حدوث انفلات وانزلاقات الأيام المقبلة، إذا لم تسرع الوزارة في احتواء الأمر. وبدوره، أكد المكلف بالإعلام بالمجلس ثلاثي الأطوار للتعليم "كناباست" مسعود بوديبة، أن نقابتهم سبق لها التحذير من المشاكل الحالية التي ظهرت مع الدخول المدرسي. فإضافة للمشاكل المذكورة أعلاه، تحدث بوديبة عن مشكل تعديل الخرائط التربوية، وما لحقه من تقليص في المناصب وزيادة ساعات التدريس الإضافية، وحسبه "اثنان أو ثلاثة من الأساتذة وجدوا أنفسهم في نفس المنصب". "والوزارة لم تلتزم بوعودها، والواقع يختلف تماما عن التطمينات التي قدمتها" يقول بوديبة، مضيفا "عندما لم تستطع توفير الكتاب المدرسي، طلبت من الأولياء التريث في شراء الكتب"، متنبئا بدوره، بحدوث احتجاجات على مستوى المؤسسات التربوية، إذا ما استمر الوضع على حاله لأسابيع مقبلة.