يواجه المرضى الذين يعانون من قرحة قدم السكري حالة كارثية جعلتهم يتشردون بين مختلف مصالح المستشفيات التي تقذف بهم من تخصص إلى آخر، في غياب تكفل تام وكلي من قبل فريق طبي متعدد الاختصاصات وهو ما أدى إلى تعرض 90 بالمائة من هؤلاء إلى عمليات بتر كان بالإمكان تفاديها لو توفرت العناية والمتابعة اللازمين. هذه هي الحقيقة المؤلمة التي شرّحها العديد من المختصين والأطباء خلال الملتقى الثاني عشر لمخبر لاد فارما تحت عنوان التكفل بقرحة قدم السكري من خلال الأدوية البيوتكنولوجية المنظم يوم أمس، بفندق الأوراسي عشية الاحتفال باليوم العالمي لداء السكري، حيث أجمع الجميع على سوء التكفل بهؤلاء المرضى رغم المحاولات التي تبذل هنا وهناك مؤكدين أنه بالإمكان الخروج من دائرة الموت التي لا ينجو منها مرضى السكري إلا قليل منهم، وذلك عن طريق انشاء عيادات خاصة ومتخصصة وتكوين فريق طبي متعدد الاختصاصات على مستوى المصالح الاستشفائية. وتعد عيادة ابن النفيس العيادة لمخبر "لاد فارما" الكائنة بالعاصمة العيادة المتخصصة والخاصة الأولى من نوعها في الجزائر، بحسب ما أفاد به رئيس جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر فيصل أوحدة وأكّده المدير العام لمخبر "لاد فارما" شبيلة عبد القادر. وفي قراءة لأهم النتائج التي حققتها أكد شبيلة أنّ 97 بالمائة من المرضى الذين قصدوها بسبب القرحة القدم السكري وعددهم حوالي 600 مريض لم يتعرضوا للبتر على عكس ما هو واقع في المستشفيات أين تبتر أقدام 90 بالمائة من المرضى. وفسّر المختص الكوبي البروفيسور جورج فالديس الأمر بتوفر الفريق الطبي الكامل في مختلف التخصصات والمتابعة الدقيقة لكل الحالات والتدخل الطبي في حينه وهو ما يجب توفره في سائر المصالح العمومية. أمّا الرئيس المدير العام لمخبر "لاد فارما" عبد الكريم جبّار فقال أن التعاون الجزائري الكوبي حقق نجاحا معتبرا في مجال التكفل بمرضى السكري لافتا إلى أن المخبر استثمر في العيادة لصالح المرضى والنظام الصحي الجزائري، كما أنّ العيادة خصّصت فحوصات مجانية كل شهر مرتين في الأسبوع "الاثنين في اول الشهر وآخره" يقوم بها المختص الكوبي. من جهته قال فيصل أوحدة رئيس جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر "منذ سنوات ونحن نطالب بوحدات خاصة لعلاج قدم السكري يتوفر فيها مختص في السكري والجلد والأوعية والقلب وغير ذلك لكن للأسف لم يتجسد الأمر والعيادة الوحيدة الموجودة هي عيادة ابن النفيس". ودعا أوحدة صندوق الضمان الاجتماعي إلى التعاقد معها لتخفيف العبء على المريض بدل تركه يصول ويجوب بين أروقة المستشفيات تتقاذفه مصلحة نحو أخرى، مؤكدا أن حوالي 8 آلاف عملية بتر تسجل في الجزائر سنويا. وأرجع أوحدة سبب رفض المستشفيات التكفل بمريض السكري إلى طول مدة العلاج والاستشفاء وقلة الأسرة المتوفرة حيث أنّ مصطفى باشا الجامعي وهو أعرق مرجع في الجزائر لا تتعدى طاقة استيعابه 22 سريرا. وأجمع المتدخلون خلال الملتقى على أن قدم السكري تعد العامل الأول في دخول مرضى السكري إلى المستشفيات وأكد المختص رولا داود أنّه من بين 6 عمليات بتر يقوم بها على مستوى مستشفى قسنطينة 5 منها تخص مرضى السكري. وقدّر الأطباء المختصون تكاليف التكفل بمريض قدم السكري في بلادنا بنحو 9 ملايين دج تخص التدخل المباشر فقط فضلا عن تكاليف إضافية تنجم عن الوضع لاحقا، بينما تقدر التكاليف بالدولار بالنسبة للقرحة من الدرجة الأولى ب 1900 دولارو27 ألف دولار بالنسبة للقرحة من الدرجة الرابعة أو الخامسة. وعدّد المختصون أسباب الإصابة بهذه الالتهابات بنوعية الأحذية التي يرتديها المرضى والمشي حافي القدمين بالإضافة إلى عوامل أخرى عديدة على غرار الجروح والتعفنات والطفيليات والعضات. وأضاف المختص انه هذه الأسباب لا يعرف منها سوى 33 بالمائة، أما 67 بالمائة المتبقية فتجهل فيها أسباب الإصابة. واستعرض المختصون تجربتهم في العلاج بحقن "ايبيربرو-ب" التي تستعمل في المستشفيات مشيرين إلى عدم توفرها في بعض المصالح العمومية رغم أهميتها في العلاج، حيث قال بن معمر موسى من وهران أنها تعجّل الشفاء من 7 أشهر إلى 3 أشهر. وفي السياق دعا مدير "لاد فارما" وزارة الصحة إلى توسيع دائرة تسويق الدواء خارج المستشفيات سيما وأن العيادات الخاصة يمكنها ان تساهم في تخفيف العبء من خلال العلاج به كما دعا الى فتح مجال تسويقه في الصيدليات كي يستفيد منه المواطنون القادرون على تحمل تكاليفه.