رئيس نقابة أرسيلور ميطال السابق البرلماني عيسى منادي تلقيت 60 تهديدا لالتزام الصمت وأطراف محلية ساهمت في التضليل والتعتيم عن الحقيقة ما يحدث بمركب الحجار مؤامرة خطيرة لضرب الاقتصاد الوطني كشف رئيس نقابة أرسيلور ميطال السابق البرلماني عيسى منادي في مقابلة مع الشروق اليومي أن قرار زعيم المركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد بوقف سلسلة الإضرابات العشوائية التي عرفها المركب باستمرار طيلة سنة كاملة، كان قرارا وطنيا صائبا الذي يعمل على انقاذ المركب من الضياع والفوضى وحماية حقوق العمال التي باتت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى. وفي ذات المقابلة دخل الرجل في تفاصيل أخرى قال انه يكشف عنها لأول مرة، محملا جهات محلية ووطنية مسؤولية ما حدث لهذه القاعدة الصناعية الكبرى التي كانت توصف في الماضي بمفخرة الجزائر. كما وجه بالمناسبة نصائح للعمال الذين وصفهم بالأبرياء والى الأمين العام الحالي المستقيل اسماعيل قوادرية. ما الذي يجري بالضبط اليوم بمركب الحجار للحديد والصلب؟ - أولا يجب الرجوع قليلا الى الماضي. فقد حصل الاتفاق مع إدارة المركب على تحقيق عدة نتائج ايجابية بحضور اسماعيل قوادرية، ومنها الحصول على زيادات في الأجور تصل في النهاية الى 24 في المائة وفتح 600 منصب شغل في اطار ما قبل التشغيل ما بين مهندس وتقني وتحويلهم الى عمال دائمين، كما اتفقنا على تحديد الهيكل العام للعمال بحوالي 7600، والاستفادة من منح وعلاوات أخرى، وذلك مقابل تهدئة عامة تدوم سنتين، وإحالة بنود الاتفاق على العدالة ومفتشية العمل للفصل فيما بعد في أي نزاعات قد تحصل. ولم تمرالا أيام قليلة على هذا الاتفاق حتى دخل المركب في اضرابات مستمرة وضاع كل شيء، وحتى منحة السبونسور التي كانت تقدم لفريق اتحاد عنابة تم تجميدها بتواطؤ من الأمين العام للنقابة في محاولة لإلحاق الأذى بشباب المدينة بالرغم من وجود اتفاقيات تربط ادارة المركب مع رئاسة الفريق. وبالمختصر المفيد فقد ساير أمين النقابة ادارة المركب في كل قراراتها التعسفية حتى ترضى عنه وقدم لها خدمات جليلة بداية من الغاء مناصب العمل الجديدة والإشهار الرياضي. وعندما أدرك الرجل الحقيقة المرة التجأ الى هذه الشوشرة وهو مقتنع بعجزه على كسب أية نتائج ملموسة للعمال. ولماذا تقف أنت ضد هذه الحركات الاحتجاجية منذ البداية؟ - هذه الإضرابات لا علاقة لها البتة بمطالب العمال، ولكنها محاولة فاشلة للضغط على الشريك الأجنبي وادارة المركب لا أكثر ولا أقل. ولا بد من التوضيح أن هذه الشراكة هي من صلب برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقد أيدنا البرنامج عن قناعة، لأن مركب الحجار كان لا يتوفر على الأموال الكافية لتسديد أسعار أدوات العمل والإنتاج وكذا المواد الأولية. والدولة الجزائرية كانت مخيرة بين 03 اقتراحات معروضة على المركب. الأول من شركة ديفكتو الإيطالية التي تقترح الإبقاء على 6000 عامل، والدولة تتولى أجور 3000 عامل آخر. كما تقدم مساهمة مالية بقيمة 20 مليون دولار ومنها قروض استثمار من البنوك الجزائرية، ولا تدخل في مرحلة الاستثمار الى حين الحصول على فوائد. وجاء الاقتراح الثاني من شركة أرسيلور ويتلخص في الإبقاء على 10400 عامل، مع تحمل جميع الوحدات ولا يتم تسريح العمال الا بعد مرور 05 سنوات كاملة، مع استثمار قدره 175 مليون دولار، بالاضافة الى مشاريع أخرى، خاصة بالمواطنة والجانب الاجتماعي. أما خيار الوزير طمار قبل الموافقة على أحد الاختيارين السابقين فكان أن الدولة تقوم بمسح ديون سيدار المقدرة بحوالي 60 مليار دج للخواص والمؤسسات العمومية الأخرى، ومنح الشركة 30 مليار دج لتسديد الأجور والملاحق، واذا فشلتم -قال طمار- سنغلق الحجار. وتم بالإجماع رفض هذا الاختيار الثالث، لأن الجميع مقتنع باستحالة النجاح وجلب الفوائد. وتم يوم 18 أكتوبر 2001 على الساعة 15 امضاء العقد مع أرسيلور. وفي عام واحد وصل الإنتاج الى مليون و200 ألف طن بحوالي 10 آلاف عامل بانتهاج أسايب الانضباط والتسيير الحسن. ودخلنا مرحليا مستوى الإنعاش بعد أن كانت الدولة تقدم منحة مالية سنوية بحوالي 16 مليار دج دون تحقيق أية فوائد؟ والسؤوال المطروح هو عندما يرحل هؤلاء الأجانب هل أن الدولة مستعدة مرة أخرى لمواصلة تقديم هذه الإعانات المالية الطائلة؟ وهل حقيقة أن العمال هم الذين يطالبون بإلغاء الشراكة؟ والى متى تبقى مصالح الدولة في موقف المتفرج عما يحصل لبرنامج الرئيس؟ أوليست الدولة الجزائرية مطالبة بحماية الشراكة؟ وهل هذه المواقف الفوضوية ستجلب لنا مستثمرين آخرين في المستقبل؟ هل فهمت الأن لماذا كنت أقف منذ البداية ضد هذه الحركات العشوائية والفوضوية وحتى المشبوهة. ولماذا لم توضح مثل هذه الأمور في حينها؟ - الكل يعلم أن الاتفاقية التي تمضى بين الإدارة والشريك الاجتماعي تحال أمام العدالة ومفتشية العمل، وأن الطرفين مطالبان باحترامها دون اللجوء الى تهييج العمال ورهن المركب. كما يعرف الكل أنه في حالة حدوث نزاع فإنه يتم اللجوء الى العدالة. وبالمختصر فإن العمال أبرياء وأغلبهم ممن غرر بهم، ومنهم الخائفون على مناصب عملهم، ومنهم من هو على أبواب التقاعد، ومنهم الجدد الذين تحولوا الى رهائن. والنتيجة هي أن النقابة قفدت مصداقيتها عندما تشن الإضراب من أجل تحقيق نسبة زيادة تقدر بحوالي 01 في المائة، أوليست هذه مهزلة بعد مفخرة كما قال عبد السلام بلعيد. وقد نبهت الى هذا الأمر منذ البداية وقلت ان الدولة الجزائرية قادرة على كل شيء ولا تخضع أبدا للضغوط. ولكن مع الأسف الشديد دخلت أطراف محلية ووطنية على الخط وساهمت في تأزم الوضع، والتي لها مصلحة في وضع يدها على الحجار. كما لعبت أساليب التعتيم والتضليل وشراء الذمم دورا واضحا في تعفن الوضع والوصول الى مرحلة الانسداد. هل من توضيح أكثر حول هوية هذه الأطراف المحلية والوطنية؟ - مصالح الدولة تعرفهم جيدا وسيأتي يوم وتكشف كل حلقات المؤامرة. ولماذا قررت الانسحاب السريع ولم تقاوم؟ - كنت دائما رجل استقرار. وكل الاتفاقيات التي قمنا بها كانت كلها تصب في صالح العمال. فمن 1988 الى 2009 حققنا الكثير للمركب وللعمال أيضا. ولما اقتنعت أن المؤامرة كانت خطيرة جدا وأن رأس عيسى منادي كانت هي المطلوبة قررت الانسحاب بالرغم من قناعتي بعدم مشروعية انتخاب الأمين العام الجديد الذي يتناقض مع قوانين الاتحاد العام للعمال الجزائريين. فقد تلقيت 60 تهديدا من عدة مستويات لالتزام الصمت حفاظا على الاستقرار وحتى لا تسقط قطرة دم واحدة بين العمال الأبرياء، وهذا ما فعلت. كما كنت مقتنعا أن ما بني على باطل فهو باطل الى يوم الدين. فقد خسرت النقابة الحالية كل شيء وما عليها اليوم الا الرحيل. فالوضع العام بالمركب كارثي، والمفحمة توقفت بتواطؤ من الأمين العام المستقيل. والأيام القليلة القادمة كفيلة بكشف الحقائق واصلاح الإعوجاج. وعلى ذكر الاستقالة وقرار زعيم المركزية النقابية بوقف الإضراب، فهل لك من تعليق حول هذه الخطوة المفاجئة؟ - سيدي السعيد لم يكن مقتنعا منذ البداية بهذه الحركات الفوضوية. ومع مرور الأيام زادت قناعة الرجل أن ما يجري داخل المركب هو شيء خطير ولا بد من وضع حد نهائي له. فأرسل بتعليمة الى الاتحاد الولائي للعمال لتبليغ نقابة المركب بوقف الإضراب واحترام قرار العدالة القاضي بعدم مشروعيته. ومادام قوادرية لا يعترف بحكم العدالة فقد حرض بعض العمال على سيدي السعيد واتهمه بالخيانة والإجرام، ولعب مسرحية الاستقالة، وفي المقابل طلب من بعض المحيطين به فبركة بيانات للمطالبة بالعودة والعدول عن الاستقالة. كما أن بث مشاهد مصورة عن الإضراب داخل المركب بقناة الجزيرة الفضائية هو عمل خطير جدا ويمس بمصداقية الدولة وسيحاسب قوادرية على هذا الفعل الشنيع. فالجزائر والحمد لله تتوفر على رجال مخلصين ولا يقبلون ببقاء هذا المركب رهين صراعات مصلحية وشخصية. ولهذا فإني أؤكد أن قرار عبد المجيد سيدي السعيد هو قرار وطني صائب يصب في مصلحة عمال المركب وانقاذ هذا المجمع من الضياع. وماذا تقول لإسماعيل قوادرية وقد قرر الانسحاب والرحيل؟ أقول له (فراش السبع عمره ما يرقد فيه الضبع) ولو طلب منك العودة مرة أخرى لرئاسة النقابة؟ - لا أقبل ..لعدة أسباب لا داعي اليوم لذكرها.