من المفارقات الغريبة والعجيبة، وجود عشرات البيوت القصديرية في مدخل عاصمة الغاز الجزائري التي تقطنها الآلاف العائلات من غالبية ولايات الوطن. * يشتكي سكان الأحياء القصديرية ببلدية حاسي الرمل من نقائص عديدة ومعايشة ظروف قاسية، أمام حرمانهم من مختلف الخدمات، وتأخر ترحيلهم إلى سكنات جديدة ولائقة. * تباين وتناقض كبير تشهده المدينة الصناعية حاسي الرمل من خلال ظروف عيش عشرات العائلات بالأحياء التي يقطنها عمال وإطارات سونطراك كحي 24 فيفري، وبين القاطنين في السكنات القصديرية التي تنتشر على حافة المدينة مشكلة ديكور مميزا لعاصمة الغاز التي يزورها يوميا عشرات الأجانب من العاملين في مختلف الشركات الأجنبية. فهذه السكنات الفوضوية عمّرت لعشريات من الزمن وتزايدت كالفطريات لتتجاوز عتبة الألف سكن قصديري شيّدت أغلبها بالقرب من قنوات الغاز ذات الضغط العالي، حيث بات قاطنوها يعيشون في ظروف بدائية من خلال معاناتهم من انعدام الكهرباء والاعتماد على البطاريات لتشغيل الإنارة، ونقص المياه الصالحة للشرب وانقطاعها في معظم أيام الأسبوع، مما يتطلب اللجوء إلى شرائه عن طريق صهاريج وبراميل يكسوها الصدأ. كما يفتقر هؤلاء السكان إلى الغاز الطبيعي المنتج في منطقتهم والمصدر إلى دول أجنبية عديدة، الأمر الذي يضطرهم اللجوء إلى قارورات غاز البوتان للتدفئة والطهي بعد جلبها من مسافات طويلة من محطة البنزين. وفي سياق المعانات المتواصلة لذات السكان، وجود أكوام الردم والفضلات وبقايا البناء بجوار أكواخهم وهو ما استغله بعضهم لجعله مصدر رزق، خصوصا الأطفال الذين لفظتهم مقاعد الدراسة ووجهوا غصبا إلى الحياة العملية بسبب الفقر المدقع لأسرهم، حيث أصبحوا يشتغلون في جمع ما يمكن استرجاعه واستعماله من هذه الفضلات المرمية من الشركات وقواعد الحياة، كالنحاس والخردوات ومختلف المأكولات. بالمقابل، فقد تحولت بعض البيوت القصديرية إلى قواعد خلفية لممارسة الكثير من الممنوعات كالمتاجرة في المخدرات والمشروبات الكحولية بسبب تفشي البطالة وارتفاع مؤشراتها لانعدام فرص العمل في مؤسسة سونطراك والشركات الأجنبية العاملة بإقليم المنطقة الصناعية واقتصار فرص العمل على المقاولين الخواص الذين يمنحون رواتب زهيدة ولا يصرحون بالعمال لدى الضمان الاجتماعي بسبب غياب مفتشي العمل وتغاضيهم عن تجاوزات المقاولات الخاصة. في سياق آخر، فقد كشف بعض المواطنين أن أحياءهم القصديرية، التي لا ينظر إليها المسؤولون إلا وقت الاستحقاقات الانتخابية رغم كثافتها السكانية، تفتقر إلى مختلف الخدمات ووضعيتهم السكنية تزداد سوءً عند تساقط الأمطار التي تحول أكواخهم إلى برك للمياه والأوحال، بينما تحولها الحرارة الشديدة في فصل الصيف إلى مرتع تنتشر فيه الحشرات والعقارب بسبب غياب الأدوية من طرف المصالح المختصة، مطالبين في إطار حديثهم السلطات المحلية إلى الإسراع في ترحيلهم إلى السكنات الموعودة بمدينة بليل التي تبقى حلما يراودهم منذ عشرات السنين.