قوله تعالى: (هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ . يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ . وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ . كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ( الحج : 19 - 22 ) . * عن قيس بن عباد قال: سمعت أبا ذر يقول: أقسم بالله لنزلت: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) في هؤلاء الستَّة الذين بارزوا يوم بدر: حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث (رضي الله عنهم)، وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة. (رواه البخاري) وعنه قال قال علي: فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا) إلى قوله (الْحَرِيقِ). وقال عليٌّ: "إِنِّي لأَوَّلُ (أَوْ مِنْ أَوَّلِ) مَنْ يَجْثُو لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى". وهم الستة الذين تبارزوا يوم بدر؛ وكان من خبرهم أنْ خرج عتبةُ بن ربيعة، بين أخيه شيبة بن ربيعة، وابنه الوليد بن عتبة (وهم أبو هند زوج أبي سفيان، وعمها وأخوها) حتى إذا فصل من الصفِّ دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة، هم: عَوْفٌ، ومُعَوَّذٌ، ابنا الحارث -وأمهما عفراء- ورجلٌ آخر، يقال: هو عبد الله بن رواحة. فقالوا: "من أنتم؟" فقالوا: "رهط من الأنصار!" قالوا: "أكفاء كرام، إنما نريد قومنا". ثم نادى مناديهم: "يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا!" فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي".. فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: "من أنتم؟" قال عبيدة: "عبيدة"، وقال حمزة: "حمزة"، وقال علي: "علي".. قالوا: "نعم، أكفاء كرام!". فبارز عبيدة -وكان أسنَّ القوم (كان يكبر النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنوات وهو ابن عمِّه)- بارز عتبةَ بن ربيعة؛ وبارز حمزةُ شيبةَ بن ربيعة، وبارز عليٌّ الوليد بن عتبة . فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما عليٌّ فلم يمهل الوليد أن قتله؛ واختلفَ عُبَيْدَةُ وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه (أصابه).. وكرَّ حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فَذَفَّفَا عليه (أي أجهزا عليه)، واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه.