أكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فى حوار خصّ به أسبوعية "العرب" اللندنية، أن لا خوف على المستقبل في الجزائر، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تغلبت على المأساة التي عاشتها في الحقبة الماضية، وأنه لا عودة إلى الوراء، وأن مسعى المصالحة الوطنية خيار لا رجعة فيه، وأن الجزائر لم تخضع أبدا للمساومة في سيادتها، وأن الدولة لن تنسحب من قطاع المحروقات، جمال لعلامي تعديل الدستور سيكون حتما مقضيا، وأن الصحافة والعدالة مستقلة والأحزاب السياسية حرة في تحديد مواقفها. الرئيس بوتفليقة، أكد بأن مهمة حقن الدماء، إنطلقت فعليا بتطبيق سياسة الوئام المدني وبعدها سياسة المصالحة الوطنية على التوالي، "وقد كانت هذه التجربة مثمرة، من حيث أن آلاف العناصر التى إختارت، من قبل، العنف لمعالجة الخلاف السياسي، وضعت السلاح وعادت مجددا إلى أحضان المجتمع"، مشيرا إلى أن الجزائر تنعم اليوم من جديد بالسلم والإستقرار، في وقت إستفاد 50 ألف شخص من المراسيم التنفيذية لميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ودعا الرئيس، إلى تعزيز هذا المسعى والمضي قدما على سبيل مساوقة الأمة مع التحولات الداخلية والتغيرات الخارجية، "وقد أصبح هذا أمرا ممكن التحقيق من حيث أن البلاد قد إستخلصت العبر والدروس من المأساة الوطنية". وسجل رئيس الجمهورية بأن الجزائريين، إقتنعوا نهائيا بأن "العنف لا يصلح لمعالجة النزاعات السياسية والتعاطي معها"، ومن ثمة، "ليس هناك أي إحتمال للرجوع إلى الوراء، لكن، علينا أن نواصل السعي والعمل حتى يصبح هذا المسار حقا وصدقا مسارا لا رجعة فيه"، وأكد بوتفليقة في حواره على هامش زيارته إلى لندن الأسبوع الماضي، أنه ليس هناك أيّ شيء يهدّد مستقبل الديمقراطية فى الجزائر، "فالحريات مضمونة، والصحافة حرة، والأحزاب السياسية تنشط بكل حرية، والبعض منها قرّر التحالف حول البرنامج الذي إقترحته على البلاد والذي تمت تزكيته بإقتراع جرى فى كنف الحرية التامة"، مشددا بأن كل حزب "حرّ في أن يحدّد مواقفه حسب ما يوافق برنامجه". وبخصوص تعديل الدستور، أوضح رئيس الدولة، أن الفصل في مسألة الدستور، إنما يعود إلى الشعب الجزائري صاحب السيادة، "وإنني، فيما يخصني، وكما سبق وأن قلت، أعتبر أن تعديل الدستور يفرض نفسه ليس بصفته مرحلة متقدمة ومتممة لمسار إصلاح وتحديث هياكل الدولة فحسب، بل كذلك، من حيث أنه يستجيب لرغبة شعبية واسعة ويلبي مطلب جزء كبير من القوى السياسية ومن حركة المجتمع المدني". وقال بوتفليقة، في سياق متصل، بأن التعديل الدستوري الذي نريده، سيترجم إنشغالات وتوجهات المرحلة الجديدة، بالتساوق مع صيرورة الدولة الجزائرية التى نريدها دولة مستقرة، مشيرا إلى أنه دستور سيزيد الحقوق والحريات الأساسية، فضلا عن الرقابة الدستورية، دعما وتعزيزا، وأنه دستور يضع القواعد لنظام سياسي واضح الملامح، ويحدد بأكثر دقة الصلاحيات والمسؤوليات ويراعي إحترام مبدأ فصل السلطات، ويجعل حدا للتداخل بين صلاحيات المؤسسات وللخلط بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي، مبرزا بأن الأزمة التي شهدتها البلاد، كانت أزمة نظام. وحول ملف الصحافة، ذكر الرئيس بأن الصحافيين الجزائريين يعدون بالآلاف، "والنزر القليل منهم كانت له مشاكل مع العدالة"، مسجلا بأن العدالة والصحافة "تتمتعان، فى الجزائر، بحرية تامة وأن القانون فوق الجميع، إلا أن الصحافي هو مواطن فى الوقت نفسه وهو يخضع، بحكم هذه الصفة، للقانون الساري في البلاد"، وعن سؤال حول مسار التعريب، أكد بوتفليقة، بأن الجزائر، عكفت على إعادة الإعتبار للغتها الوطنية، وفي الوقت ذاته -أضاف بوتفليقة- ورثت البلاد اللغة الفرنسية، وهو "واقع تاريخي وليس نتاج أي ضغط كان"، "وحول هذه المسائل لم تخضع الجزائر قط للمساومة بخصوص سيادتها، ولن يحصل ذلك مستقبلا". وبخصوص قانون المحروقات، شدّد بوتفليقة بأن هناك، بالفعل، تعديلات سيتم إدخالها على قانون سنة 2005، لكن الأمر، لا يتعلق بأي حال من الأحوال، بإعادة النظر فى التوجهات العامة لهذا القانون، بل أنه يتعلق "بتصحيح بعض الخلل الذي ظهر عند تطبيقه والذي يتعارض مع مصالح شركة سوناطراك المشروعة"، وقال الرئيس بأن المحروقات تشكل موردا حيويا بالنسبة للإقتصاد الجزائري "ولا يمكن الكلام عن إنسحاب الدولة من هذا القطاع، وشركاؤنا يعلمون ذلك ويعونه جيدا، ويعلمون كذلك أن الجزائر بلد ذو مصداقية، يعرف كيف يحافظ على مصالحهم المشروعة