المصالح حتى النخاع والحمد لله، وإننا نادينا للمصالحة والسلم أثناء الأزمة وبعدها.. أثناء إعتقال العديد في معتقلات الصحراء بدون ذنب أو جرم سوى لحرية الرأي السياسي مع العلم أن الدستور آنذاك ضامن لحرية الرأي والتعبير كما عرف منذ ذلك الوقت إلى يومنا ملف السلم والمصالحة العديد من الأشواط والتحديات وعادة ما كانت تغذيها أطراف، إما لإفشالها أو لإستعمالها لمآربَ أخرى . * في السلم والمصالحة لم تنته حسب قناعتي إلا بإغلاق العديد من الملفات المرتبطة به، وعليه نريد مصالحة شاملة بعيدة عن كل إقصاء، مصالحة وفق المواصفات العالمية من مسؤولية، وتعويض، وعدم الإفلات من العقاب، واليوم لا ينكر أحد أن النفوس هادئة والعقول نضجت والبيئة مهيئة والأزمة أصبحت جزءا من تاريخ الجزائر المعاصر، إما أن نكتب هذا التاريخ بالإيجابية والسلبية، أو نكمل هذا التاريخ بصنعه وغلق الأزمة نهائياً، بعيداً عن كل تسييس أو مناورة، فالمصالحة والسلم وتسيير بعض الأزمات وتوابعها ليست بدعة جزائرية، بقدر ما هي ممارسة دولية، سبقتنا إليها العديد من الأمم، أو الدول إما بإرساء ندوات وطنية تجمع الكل على قدم المساواة وكانت تجربة ناجحة للعديد من الدول نحو التحول الديمقراطي وبروزها كدول ناشئة، أو أحياناً، من خلال تأسيس لجان للحقيقة والمناصفة كما تم في إفريقيا الجنوبية، هدفها عدم الإفلات من العقاب والمسامحة أو التعويض . * لذلك حسب قناعتي حان الوقت لترقية المصالحة خادمة للسلم والتنمية في ظل تراجع الإرهاب وإنكماش مساحات العدوة والسب والشتم وبين الجزائريين، بحل الملفات العالقة وتسوية بعض الإجراءات وتحيين العديد من التشريعات.. فحصيلة المصالحة جيدة إلا أن العديد ما زال لم يؤهل ويدمج إجتماعياً رغم أن النصوص واضحة، والمجتمع مازال ينظر للعديد منهم، كإرهابي أكثر من أن ينظر إليه كجزائري عادي يتمتع بجميع حقوقه الدستورية والقانونية.. فكم من موظف لم يدمج.. وكم من أسرة تنتظر أحد أفرادها المفقودين يدق عليها الباب.. وكم من متهم أخطئ في حقه بدون تعويض.. وكم شخص أفلت من العقاب.. وعليه نريد مصالحة فعالة وليست مفتعله، مصالحة لا تضيع حقوق الأفراد مصالحة مبنية على الحقيقة والإنصاف مع الذات والآخرين، فبها نكون قد استرجعنا العافية الحقيقية. * فالجزائري تعب من المصالحة الورقية أو الخطابية أو المناسباتية، الفنية معقودة والإرادة حاضرة والنصوص موجودة رغم نقصها ولكن كل ذلك لم يرتق بمستوى الفعل وردة الفعل، فلم ترتق المصالحة لمستوى طموحات الشعب، فالبعض يتعامل معها إدارياً والبعض الآخر شعبوياً، والكل يغني على ليلاه، فحتى المنظمات الحقوقية تهتم بهذه القضية التي تمس توازنات المجتمع مناسباتياً أو حسب الطلب أو تماشياً مع الموجة، فقضية المصالحة والسلم المدني، من الأولويات بدونها لم تقم قائمة بأي قطاع من القطاعات وبدونها لم يمكن أن تكلم عن سيادة القانون ودولة الحق . * لذلك حسب قناعتي يجب تشجيع أي نداء يصب في المصالحة وترقية مختلف النصوص القانونية في هذا الشأن، بترقية نصوص ميثاق السلم والمصالحة وتنفيس العديد من الفقرات، حتى تصبح متماشية مع المعايير الدولية المتعارف عليها، والتي طبقت في العديد من الدول وبعدها كخطوة ثانية.. لتكن لنا الشجاعة الأخلاقية والسياسية لإصدار عفو عام، وبها قد نكون طوينا صفحة مريرة من المآسي الوطنية، وتم تحصين ذاكرتنا الجماعية وتاريخنا المعاصر من عبث السياسوية والمؤرخين المأجورين، وسيتم امتدادها للمستقبل والأجيال اللاحقة. * هذه الانطباعات مصالح على النخاع.. يؤمن أن الجزائر للجميع وأنه ليس له وطن بديل لمن هو في الجبل أو خارج الديار، فكلهم جزائريون لا يحتاجون لشهادة ميلاد أخرى أو تعريف ذويهم بجزائريتهم، لذلك نقول كفانا من الزيادات والإديولوجية.. فلنتعامل.. بعضنا بعضا مع هذه القضية بقلوب مفتوحة ونوايا غير مبرمجة فالقانون ثم القانون فلنحسن تطبيقه ولنستعمل ذكاءنا، والجزائر للجميع والله يبارك كل مصلح .