وصلت عائلتان جزائريتان مرحلتين من ليبيا يوم أمس إلى مدينة عنابة وتم إيوائهما مبدئيا بدار العجزة بأمر من الوزارة المكلفة بالتضامن الوطني والأسرة. وتضم عائلة بوترعة زوجته وابنيه ايناس ومهدي، وتتشكل عائلة يوسف خوجة بالإضافة إلى زوجته 8 أطفال تتراوح أعمارهم مابين 4 و20 سنة. وفي مقابلة مع "الشروق" أجمع أفراد العائلتين على أنهم اضطروا إلى مغادرة الأراضي الليبية بعد أن أصبحت الحياة فيها صعبة وجحيما لا يطاق خاصة على مستوى محور الزاوية - طرابلس الذي عرف انفلاتا امنيا مفاجئا بدأ يتوسع منذ يوم17 فبراير الماضي عندما تم تنظيم مظاهرة سلمية تأييدا للعقيد معمر القذافي والتي تحولت في الليل إلى أعمال حرق وتخريب بالزاوية، طالت عددا من مراكز الشرطة وامتدت الى المناطق المجاورة كصرمان وصبراتة، حيث طالب المحتجون بتغيير النظام ورحيل القذافي، واستمروا بإطلاق الرصاص إلى ساعات متاخرة من الليل. ويقول بوزيد بوترعة البالغ من العمر 44 سنة والذي غادر مدينة عنابة عام 1993 متوجها الى ليبيا، باحثا عن العمل في اختصاص الطلاء، أنه استقر في ليبيا لمدة 17 سنة. وأوضح أن الوضع العام كان هادئا وعاديا إلى غاية يوم 18 من نفس الشهر عندما بدأ يسمع عن وجود أطراف مجهولة تريد إسقاط النظام، وفجأة انقلب الوضع رأسا على عقب، وشهدت الزاوية مشادات عنيفة أدت الى سقوط قتلى، وكانت الغلبة في هذه المعارك الأولى للقوات التابعة للعقيد القذافي. وفي يوم 20 فبراير وهو في طريقه الى مقر القنصلية الجزائرية العامة بطرابلس لقضاء حاجات ادارية، حتى أبلغه أحد الجيران بحصول هجوم عنيف على منزله العائلي من طرف عصابات مجهولة، والتي قامت بتهديد زوجته وسلب أموالها وجوازات السفر، وطلبوا منها وعلى الفور مغادرة ليبيا. وكان هذا هو السبب الأول لخروج يزيد من حي بوعيسى. ولما سمع أفراد السفارة الجزائرية بهذه الحادثة المرعبة تنقلوا معه الى الزاوية ونصحوه بمغادرة المكان والاسراع بالالتحاق بمطار طرابلس الذي استقبل بعد حوالي ساعتين طائرة جزائرية أولى أقلت أكثر من 250 جزائري صوب مطار هواري بومدين الدولي. وعلى متن الطائرة، التقى يزيد بعدد من الجزائريين الذين ينحدر أغلبهم من مناطق عنابة، الشلف، المدية، سكيكدة، وهران، سدراتة، الطارف وتلمسان . ومباشرة بعد وصولهم واستقبالهم من طرف الوزير المكلف بالجالية الجزائرية في الخارج أجرت لهم مصالح مديرية النشاط الاجتماعي بولاية الجزائر سيارات لنقلهم الى ولاياتهم الأصلية بعد أن زودت كل عائلة بمبلغ مليون سنتيم نقدا. ويؤكد يزيد أن وضعهم الحالي ب "دار الانسانية" لمدينة عنابة يظل مبهما وغامضا بالرغم من المساعدات الانسانية القيمة التي قدمتها لهم مصالح مديرية النشاط الاجتماعي والتي قدمت لهم الأكل والملبس والتزمت بابقائهم في هذا المرفق الى غاية نهاية شهر ماي القادم، مع التكفل أيضا بتسوية أوضاع ابنائهم التربوية والمدرسية والجامعية. ويناشد يزيد عبر الشروق اليومي والي عنابة منحه سكنا اجتماعيا وعملا محترما بعد أن فقد كل شيء بالزاوية الليبية.