حاولت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الجمعة، الاجتهاد في البحث عن خلفيات توصل حركة فتح وحماس إلى اتفاق مصالحة، ليس في سياق الحديث عن توافق فلسطيني، ونتاج قناعة الطرفين بضرورة المصالحة، وإنما في إطار الصراع بينهما، لتصل إلى أن حماس انتصرت في نهاية المطاف وتمكنت من فرض شروطها، بعد أربع سنوات من الصراع المرير، لعدة اعتبارات إقليمية ودولية، أهمها إسقاط حسني مبارك ونظامه، تسريبات "الجزيرة" وويكيلكس، وموقف واشتطت من الاستيطان. * ووفق الصحيفة وفي منطق معادلتها "السلبية"، فإن هناك ثلاثة أسباب دفعت بحركة فتح إلى "قبول كل شروط" حماس للدخول في حكومة وحدة وطنية، أهمها الإطاحة بالرئيس المصري، حسني مبارك، أحد أهم حلفاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في المنطقة، خاصة وأن السقوط شمل كل نظامه، بما فيه الوسيط، عمر سليمان، وذهبت الصحيفة تقول " عندما كان الرجلان في السلطة، كانت البوابة الخلفية لقطاع غزة محكمة الإغلاق" . * كما أشارت إلى تسريب وثائق فلسطينية سرية عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، الذي نشرته قناة"الجزيرة"، وقبلها موقع ويكيلكس، والتي "كشفت عن مدى استعداد المفاوضين الفلسطينيين للانصياع من أجل إرضاء الإسرائيليين، والذي أدهش حتى أكثر الإسرائيليين تشددا"، وهو ما ركزت عليه "الجزيرة" في كشف مضمون الوثيقة التي وصفت حينئذ ب "الفضيحة"، وأثارت جدلا عميقا وسط مختلف القوى الفلسطينية، حتى أن الكثير اعتقد بأن التسريب مخطط آخر لضرب القضية الفلسطينية ودق آخر مسمار في نعش المصالحة أو الوحدة الوطنية، حيث أوضحت الصحيفة أن "هذا التسريب أدى إلى نزيف أفقد بما تبقى من هيبة ومصداقية للسلطة الوطنية الفلسطينية". * أما العامل الثالث، فهو الموقف الأمريكي من الاستيطان الإسرائيلي، بداية برفض الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وفق تعهدات باراك أوباما، وصولا إلى استخدام الولاياتالمتحدة حق النقض "فيتو" لرفض قرار دولي يعترض على استمرار إسرائيلي في سياستها الاستيطانية، ما أفقد الثقة في سياسية محمود عباس المعتمدة للوصول إلى سلام يؤسس حقيقة لدولة فلسطينية تحافظ على كل مقوماتها. * وقالت الصحيفة" لقد اتخذ إحباط حركة فتح بسبب كل هذا شكلا سياسيا الآن، وتلاحظ أن رد فعل الإسرائيليين بعد الإعلان عن الاتفاق الفلسطيني كان "مكفهرا". والسبب في ذلك هو ذلك الاعتقاد السائد في الساحة السياسية الإسرائيلية، والذي تجاوزه الزمن والواقع، بأن مصير الدولة الفلسطينية في يد إسرائيل. * وتعترف الصحيفة بأن تطور الأحداث كان في الاتجاه المعاكس لمخططات إسرائيل، الولاياتالمتحدةالأمريكية والإتحاد الأوروبي، وحتى الرباعية، وراحت تقول بنوع من الأسف والاستغراب "لكن رياح الربيع العربي تجري بما لم تعهده إسرائيل، فقد يساهم مصريون وأردنيون وربما سوريون أحرار في رسم خريطة إسرائيل في المستقبل"، في إشارة إلى أن ثورة الشارع في مصر والعالم العربي انتهت إلى التتويج باتفاق مصالحة تاريخي بين فتح وحماس، وقرار مصري آخر يتضمن رفع الحصار المفروض على قطاع غزة بفتح معبر رفح بشكل نهائي.