بعد نجاح تجربة واستراتيجية حزب الله في المقاومة والإنجازات الكبيرة التي حققها على الصعيد الميداني، ثمة عدّة تساؤلات تطرح نفسها بخصوص القضية الفلسطينية التي تراوح مكانها منذ أكثر من نصف قرن، وزاد طينها بلّة أو (خبّة) اتفاقيات أوسلو أو ما يسمى بمسار السلام الذي ضيع حقوق الشعب الفلسطيني وأرجع قضيته إلى مربع الصفر. علي فضيل ماذا حققت السلطة الفلسطينية للشعب الفلسطيني منذ 94 إلى اليوم؟ هل تمّ تجسيد بناء الدولة الفلسطينية؟ ماهي آفاق عودة أكثر من أربعة ملايين لاجئ فلسطيني إلى ديارهم؟ ما قيمة حكومة فلسطينية أو برلمان فلسطيني نصف أعضائهما معتقلون؟ إنها تساؤلات مفصلية أمام الجدل الجاري حاليا، على الساحة الفلسطينية بخصوص تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، أي توسيع حكومة حماس الحالية إلى حركة فتح وبقية الفصائل الأخرى، وهي تساؤلات أصبحت تلقي بظلالها على الديناميكية الداخلية والاتجاهات المختلفة على الساحة الفلسطينية. وقد بات واضحا أن هناك اتجاها متشدّدا كان خافت الصوت في الماضي وأصبح اليوم، يرفع صوته عاليا ويلقى قبولا لدى الشارع الفلسطيني والعربي، خاصة بعد انتصار حزب الله في مقاومة العدوان الإسرائيلي، هذا الاتجاه يروّج لصمود حزب الله واستبساله وانتصاره، داعيا إلى تعميم التجربة ونقلها إلى غزة ابتداء ثم إلى الضفة والقدس وتؤيد هذا الاتجاه أغلب الأجنحة العسكرية للفصائل، خاصة كتائب عز الدين القسام وشهداء الأقصى وسرايا القدس ويتقاطع مع الأجندة السورية والإيرانية. هذا الاتجاه الذي يجتذب الرأي العام الفلسطيني والعربي يدفع باتجاه حل السلطة الفلسطينية ومؤسساتها التنظيمية والسياسية ووضع إسرائيل والمجتمع الدولي أمام استحقاق الاحتلال المباشر والمعلن وتحميله المسؤولية الكاملة والتخلي عن سلطة شكلية أو وهمية، لا معنى ولا مضمون حقيقي لها والعودة إلى خيار المقاومة المسلحة بعدما ثبت عمليا استحالة الجمع بين مقاومة الاحتلال والمسار السياسي السلمي. قد يختلف الوضع في فلسطين ولبنان، لكن الأمر الثابت والمؤكد أن خيار المقاومة في أي بلد محتل هو خيار الشعوب الحية الديناميكية التي ترسم مستقبلها بدمائها وليس بدموعها وتنجز حقوقها بصمودها وليس بخضوعها وتنتزع احترام العدو قبل الصديق بالضربات الموجعة التي توجهها له وليس بالابتسامات والمصافحات والاتفاقيات التي لا تطبق.