بكى الوالد العجوز وأبكى كل من كان حاضرا في ذلك اليوم بقاعة الجلسات بمحكمة الجنايات بتيزي وزو، وهذا عندما طلب منه رئيس الجلسة إن أراد أن يطلب تعويضا بعد أن قتل إبنه »كريم« أخاه الصغير »جعفر«، فرد عليه العجوز والدموع تذرف من عينيه رافعا يده إلى السماء »سيدي القاضي هل يمكنك أن تجردني من أحد أصابعي، المرحوم إبني والجالس بقفص الاتهام أحد أعز أبنائي«. قسم المجتمع بهذه العبارات الممزوجة بالحزن والحسرة على الفقيد والأمل في إطلاق سراح القاتل والذي ارتكب خطأ فادحا في حق أخيه عندما حاول أن يؤدبه ويمنعه من الخروج من المنزل، فحدثت بينهما مناوشات كلامية تطورت إلى تبادل للكمات وانتهت بجريمة قتل راح ضحيتها شاب لم يتعدّ عمره 15 سنة. أصدرت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء تيزي وزو خلال جلساتها الجنائية العادية الحكم بعقوبة 18 شهرا سجنا نافذا في حق المتهم (س.كريم) المتابع بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، الأفعال المنصوص والمعاقب عليها بأحكام المواد 254، 255، 256، 257، 261 من قانون العقوبات إضرارا بالضحية شقيقه (س.جعفر). تفاصيل هذه الجريمة الخطيرة حسب ما ورد في قرار الإحالة الذي أصدرته غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء تيزي وزو تعود إلى يوم 11 أكتوبر 2005 باڤني قمزان بضواحي واضية، حيث أقدم المتهم على توجيه طعنة قاتلة على مستوى الرقبة لشقيقه جعفر، وهذا بعد مناوشات كلامية حدثت بينهما مباشرة بعد الإفطار عندما حاول المتهم منع أخيه من الخروج لقضاء السهرة بإحدى المقاهي. وأمام رفض هذا الأخير وإصراره على مغادرة المنزل قام بخنق المتهم وتطور الشجار إلى تبادل اللكمات بينهما، وقد تدخلت أختهما لمحاولة تفريقها وتهدئة أعصابهما، إلا أن المتهم غادر المنزل حاملا السكين في جيبه وعلى بعد 300 متر من منزلهما التقى بأخيه ووجه له طعنة أردته قتيلا. المتهم (س.كريم) من مواليد 1978 أعزب بدون مهنة غير مسبوق قضائيا، حسن السيرة ويتمتع بجميع قواه العقلية، أكد أنه لم يقصد قتل أخيه الصغير (جعفر) مصرحا أنه في يوم وقوع الجريمة مباشرة بعد الإفطار أراد شقيقه الخروج من المنزل لتناول القهوة بإحدى المقاهي بالقرية، لكنه رفض خروجه، وهذا ما لم يعجبه فقام أخوه بخنقه كونه جد عصبي. وأضاف المتهم أنه حاول تهدئته وغادر المنزل حاملا السكين مصرحا أنه يجهل كيف ضرب أخاه، ولم يقصد قتله، وأكد المتهم أنه لم يسبق له وأن تشاجر مع شقيقه، مصرحا أنه في يوم وقوع الجريمة كانت أولياؤه بفرنسا، وصرح المتهم أنه لما رأى بقعا من الدم في سرواله، تأكد أن مكروها أصاب أخاه. من بين الشهود الذين حضروا جلسة المحاكمة أحد جيران المتهم الذي صرح أنه في حدود التاسعة ليلا عندما كان داخل سيارته سمع صراخا ولما اقترب من المكان شاهد الضحية ساقطا على الأرض ينزف دما وأخاه بجواره، مضيفا أنه هو الذي تكفل بنقل الضحية إلى المستشفى بعد أن طلب من المتهم أن يرافقه. وأكد الشاهد أن الضحية لم يمت بمكان وقوع الجريمة بل توفي في طريقه إلى المستشفى. الشاهدة (س.فريدة) شقيقة المتهم والضحية صرحت أمام المحكمة أن أخويها بعد أن تناولا الفطور بدآ في الشجار وحاولت تهدئتهما حيث أرغمت الضحية على الجلوس معها بقاعة الاستقبال لإبعاده عن المتهم والذي غادر المنزل حاملا السكين. وأكدت الشاهدة أنه بعد بضع لحظات خرج الضحية مؤكدة أنه جد عصبي. عم المتهم صرح أمام هيئة المحكمة أنه كان في ذلك اليوم بمنزله وصدفة سمع حدوث شجار بمنزل أخيه وهذا ما جعله يلتحق بهذا الأخير ليستفسر عما حدث، مصرحا أنه تمكن من تهدئة الضحية والمتهم، وطلب من الضحية أن يرافقه إلى منزله لتناول القهوة، لكن هذا الأخير رفض وفضل الذهاب إلى المقهى رغم أن أخاه رفض له ذلك، وأكد الشاهد أنه بعد حوالي 20 دقيقة جاء إلى منزله المتهم وطلب منه أن يعطيه كأس ماء، مضيفا أنه أخبره بأنه طعن أخاه بواسطة سكين بعد أن شتمه. ممثل الحق العام خلال مرافعته أعاد سرد تفاصيل الجريمة التي حدثت بواضية خلال شهر رمضان بعد مناوشات كلامية وقعت بين المتهم والضحية، وهذا عندما حاول المتهم تأديب أخيه ومنعه من الخروج، ولأن الضحية لم يعجبه ذلك فقام بخنق أخيه، وتطور ذلك إلى تبادل اللكمات بينهما وخرج المتهم وفي جيبه سكين ووجه به طعنة قاتلة على مستوى رقبة شقيقه وأرداه قتيلا، ونظرا لثبوت التهمة طلب ممثل الحق العام من هيئة المحكمة تسليط عقوبة السجن المؤبد على المتهم. دفاع المتهم أكد خلال مرافعته أن الجريمة مأساة حدثت داخل عائلة واحدة وهذا بعد مناوشات كلامية بين الضحية والمتهم عندما حاول المتهم تأديب شقيقه الأصغر ومنعه من الخروج بعد الإفطار، وطلب الدفاع من هيئة المحكمة إعادة تكييف الجريمة إلى الضرب والجرح العمد، بعد الاستماع إلى جميع الأطراف وبعد المداولة القانونية أصدرت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء بتيزي وزو الحكم بعقوبة 18 شهرا سجنا نافذا في حق المتهم (س.كريم).