ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3583 شهيدا و 15244 مصابا    هولندا ستعتقل المدعو نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاندماج المغاربي هو الحل الأمثل أمام الجزائر والمنطقة لحياة أفضل لساكنتها؟
الدكتور اسعاد مقداد رئيس جمعية يوغرطة للاندماج المغاربي للشروق اليومي :


اسعاد مقداد
*منطقة المغرب العربي وعلى الخصوص الجزائر وتونس تتوفران على امكانيات هامة لولوج تجربة الاندماج وانجاحها.
*نظمت جمعية يوغرطة للاندماج المغاربي ومقرها بالكاف التونسية يوم أمس ندوة حول إشكاليات التنمية بالجهة والتعريف بالجمعية،وتوجت بدعوة الحاضرين إلى الاحتفال في الموعد المقبل لذكرى الاعتداء على ساقية سيدي يوسف الحدودية في 8 فيفري لمدة أسبوع بحضور مكثف لرجال الإعمال والثقافة والاعلام لتجسيد التعاون الاقتصادي والاندماج ألمغاربي او على الأقل التونسي الجزائري
* مؤسس الجمعية ورئيسها هو الأستاذ مقداد إسعاد صاحب ومؤسس دار الزيتونة للإعلام والنشر بباتنة الجزائر وكذلك فرنسا وذلك منذ 30 سنة.
*
* حاصل على أستاذية(Maîtrise) في الاقتصاد والتسيير من جامعة باريس وأخرى في الفلسفة إضافة إلى عدة شهادات ماجستير في التنمية الإقليمية
*
* وينهي هذه السنة بحثا لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية بعنوان "تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية" بجامعة ليون الثالثة الفرنسية حيث هو عضو في مجلسها العلمي.
*
* الأستاذ مقداد مغاربي بامتياز أو بالتدقيق تونسي جزائري بامتياز وذلك ليس فقط لأنه يحمل الجنسيتين بل لعوامل عديدة أخرى ذات رمزية عالية فهو من مواليد قلعة سنان الواقعة تحت سفح مرتفع مائدة يوغرطة الشهيرة ملاذ كثير من الأحرار في التاريخ, ثم إن قلعة سنان هذه بوصفها منطقة حدودية تراوحت تبعيتها بين الجزائر وتونس إذا أنها كانت جزائرية حتى سنة 1807 حين تحولت إلى سيادة تونس تحت الباي حمودة باشا
*
* أما بالنسبة لأصوله فهو بالتساوي من أصل مزدوج وشارك بعض من عائلته في الثورة التحريرية الجزائرية; منهم من استشهد ومنهم من هو على قيد الحياة تابعا لجيش التحرير.
*
* الأستاذ مقداد إسعاد مناضل هادئ ونشيط في حركة النهضة الإسلامية التونسية, إلتحق بها منذ نعومة أظفاره وكلفه ذلك سنوات عديدة من المنفى قضاها متنقلا بين الجزائر وفرنسا، وهو يؤكد أن حبه للجزائر يفوق كل حب وقد بقي فيها على اختيار منه ولا يخفى فخره بجزأرة أبنائه الثلاثة .
*
* عاد الأستاذ إلى تونس وهي تتحرر من دكتاتورها وأسس هذه الجمعية التنموية التي تعد ضمن اختصاصه. التقينا به علي اثر هذا اليوم الدراسي وأمتعنا بهذا الحديث الشيق وهذه التحاليل العميقة.
*
*
* **مفهوم الاندماج يحتاج الى تحديد المصطلح أولا قبل المبادرة بتنفيذ مشروعات انمائية مشتركة،فهل لمنطقة المغرب العربي حظ في ولوج هذه التجربة المفيدة؟
* *الاندماج الاقتصادي يعد المرحلة الأخيرة على طريق تاريخي وطويل بهدف التكامل الاقتصادي بين دولتين أو أكثر وهو سلسلة لعمليات تنسيق مستمرة ومتصلة لإجراءات إزالة القيود ضمن عملية تقارب تدريجية على حركة التجارة وعناصر الإنتاج.
*
* ويعد أهم شرط لنجاحه هو تجانس الأنظمة السياسية والاقتصادية وتناسق خطط التنمية للبلدان الأعضاء. وبدون هذا الشرط تبقى كل محاولات التقارب محاولات سياسية تصطدم بالواقع وتفشل في النهاية. فالتكامل الاقتصادي عملية تاريخية تنضج أسبابها وتنمو عناصر مع الزمن من خلال العمل الواعي الذي يخضع لقوانين العلم الموضوعية وليس للارتجالية تحت تأثير القرارات السياسية الظرفية والأحادية.
*
* وينتج الاندماج الاقتصادي عبر مراحل ضرورية أو على الأقل هذا ما تؤكده التجارب القليلة الناجحة في هذا المجال مثل التجربة الأوروبية التي لا يختلف على أنها أصبحت مثالا يذكر. وهي كما يلي:
*
* 1- المنطقة التجارية الحرة: وهي منطقة تخفض فيها الرسوم الجمركية بالتدرج بين أعضائها حتى تزول.
*
* 2- الاتحاد الجمركي/ وتزيد عن الأولى بتوحيد التعريفات الجمركية للدول الأعضاء تجاه العالم الخارجي.
*
* 3- السوق المشتركة: ويزيد عن توحيد التعريفات الجمركية حرية تنقل عوامل الإنتاج ورؤوس الأموال والأشخاص ضمن مساحة الدول الأعضاء.
*
* 4- الوحدة الاقتصادية تعد مرحلة متطورة على طريق التكامل الاقتصادي لأنها تهدف إلى تنسيق السياسات الاقتصادية القومية بين الدول الأعضاء نحو الاندماج الكامل وهو ذروة هذه العملية.
* ومنطقة المغرب العربي وعلى الخصوص الجزائر وتونس تتوفران على امكانيات هامة لولوج هذه التجربة وانجاحها ،وهذا ما برز جليا في ندوة الكاف التي تشرفت باستضافة السيد قنصل الجزائر العام والذي القى بالمناسبة كلمة تصب في هذا الاتجاه الصحيح.
*
* **وفي رايكم ألا يتعارض الاندماج الاقتصادي مع مفهوم السيادة الوطنية؟
*
* *أولا تعريف السيادة هو أن لا يكون للدولة قوة تعلو على مؤسساتها الذاتية الداخلية كمرجعية وحيدة. فهي التي تضع دستورها وقوانينها ومنها الاتفاقات الدولية التي رغم أنها تلزمها بتنازلات عديدة لصالح غيرها ممن تجمعها بهم عملية الاندماج لكنها تبقى هي أيضا كباقي القوانين والسياسات من صنع محلي وبإرادة المؤسسات الوطنية دون غيرها.
*
* لقد صمد منوال السيادة الوطنية أمام ثلاث مستويات من التحديات ظن بعضهم أنها تتهدده وهي بروز النظام الدولي بمؤسساته المختلفة وكذا الشركات الاقتصادية المتعددة الجنسيات ثم المنظمات العالمية الغير حكومية، لكن أيا من هذه المستويات لم يهدد مفهوم السيادة إذ لم تستطع أيا منها أن تضع للدولة قوانين بشكل مباشر. بل أخذت موقعها كفاعل بين فاعلين كثر يمررون أفكارهم ومقترحاتهم عبر القنوات الرسمية للدولة القطرية التي بقيت سيدة على قوانينها.
*
* أما عن الاندماج الاقتصادي وما يفرضه من توحيد للسياسات الاقتصادية والتنموية فإنها هي أيضا من اختصاص الدولة القطرية ذاتها ولا يفرض عليها. تعمد الدولة إلى تلك السياسات وتضع قوانين بدافع ذاتي داخلي خدمة للمصلحة الوطنية. فالاندماج هو أصلا لخدمة البلد وليس هو من باب مساعدة الآخرين. الجزائر في حاجة ملحة إلى أن تندمج ضمن هذه المجموعة الجهوية، تقويها وتتقوى بها. إذ كيف تكون الجزائر أول مستورد في العالم للقمح الصلب مثلا وجارتها المغرب هي أول مصدر للفوسفاط في العالم خاصة وأن الجزائر تملك من الغاز ما يجعل تحويل الفوسفاط غير مكلف.
*
* وسلسلة المواد طويلة، وهي بالنسبة للبلد الواحد مورد إما في حال التكامل فتتفاعل إيجابيا فيتضاعف تأثيرها وهذا ما يستدعي أن يقع التفكير فيها على المستوى الجهوي، أي على مستوى ما فوق الوطني لكن تحت سيادة هذا الأخير.
*
* **وهل للثورة العربية الحديثة علاقة جدلية في تحقيق الاندماج المغاربي؟
* *الثورة والاندماج مفهومان بسلم زمني مختلف، فالثورة عملية قصيرة المدى وهي ذات طابع اجتماعي سياسي بينما الاندماج هو عملية تاريخية تدريجية كما جاء في التعريف من ناحية وهو متصل بالآليات الإدارية والسياسات الاقتصادية. ولذلك تكون الثورة والإصلاح السياسي عادة شرطا للاندماج لكنه لا يكفي.
*
* يعد الاتحاد الأوروبي مثالا على طريق الاندماج الاقتصادي الكامل إذ زاوج في مسيرته نحو الوحدة بين التروي والرغبة في الإنجاز. اعتمد مبدأ Le fonctionnalisme العملي وهو تحديد سقف لكل مرحلة ثم تحميل كل بلد مسؤوليته ليكون في الموعد لذاك التغيير. او بطريقة تحديد ماذا نريد ثم الالية او شكل المؤسسات الموصلة اليه، فسار إلى أهدافه بطريقة ثابتة، لكنه أعطى للبلدان المندمجة الوقت الكافي للنضج الشعبي والاستعداد المؤسساتي. انطلق سنة 1957 باتفاق حول مراقبة مادة حيوية كانت فعالة في الحربين العالميتين وهي "الحديد والصلب" جعلها تحت قرار المجموعة وحد من حرية استعمالها من طرف الدولة القطرية دون اتفاق وتنسيق مع الآخرين. وواصل في التنسيق والعمل المشترك لأكثر من نصف قرن، تنازلت فيه كل مرة الدولة القطرية للمجموعة عن شيء من سيادتها بقرار ذاتي داخلي سيد.
*
* يقوم الاتحاد الأوروبي اليوم على أعمدة ثلاث هي: المجموعة الاروبية بسياساتها المشتركة (الفلاحة، الجمركة، الاورو...) والأمنية والقانونية. وله برلمان منتخب مقره ستراسبورغ الفرنسية ومجلس تنفيذي مقره العاصمة البلجيكية بروكسل.
*
* مر الاتحاد عبر المراحل الأربعة السالفة الذكر: من الاتفاق حول استعمال الحديد والصلب إلى منطقة للتجارة الحرة إلى الإتحاد الجمركي إلى السوق المشتركة إلى الوحدة الاقتصادية لينهي إلى الاندماج الاقتصادي الكامل والوحدة الأوروبية.
*
* المغرب العربي لم تتوفر له ما توفر من فرص للاتحاد الأوروبي، لقد دخل مرحلة ما بعد الاستعمار متفرقا وورث منه فكرة السيادة والدولة الحديثة المغلقة، إذ أخذ كل قطر من السيادة سلبياتها وأهمها الحدود. الحدود أبقى عليها الاتحاد الأوروبي مثبتة في الخرائط لكن أزاحها من الواقع أما في المغرب العربي فهي نهايات وحواجز قاتلة للحياة الاقتصادية والتكامل والتواصل. هذا رغم انتفائها تماما جغرافيا وثقافيا فلا بحر ولا جبل ولا متراس يفصل بين المغاربيين جغرافيا. أما اللغة والدين وحتى المذهب الفقهي فحدث ولا حرج. أرض متصلة يعيش فوقها شعب واحد تفصله حدود إدارية من أشد حدود العالم فرقة.
*
* انعكس هذا الانغلاق على المستوى الاقتصادي والتبادل التجاري الذي انحصر في ما يقل عن 2% من مجموع التبادلات الخارجية لكل بلد حتى أنه لو فرضنا أن أحد البلدان المغاربة اقتلع لا قدر من مكانه لما أحس به الآخرون لانفصال كل بلد عن الآخر فلا خطوط اتصال ولا مصالح اقتصادية ولا قنوات تجارية وإدارية تجمع المغرب العربي.
*
* هذا رغم أن عوامل تكامل كثيرة تميز المنطقة. فمثلا في مجال الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية تشكو كل المنطقة من ضعف الإنتاج بينما هي تملك مخزونا من الفوسفاط الذي يعد المادة الأساسية لتنمية الفلاحة. والفوسفاط يحتاج إلى الطاقة لزيادة تركيزه والطاقة موجودة أيضا بمادتيها الغاز والبترول. فكيف يا ترى لا تكون المنطقة هي من يتحكم في هذه الموارد ثم المواد الفلاحية التي تنتج بها. كيف تبيع المنطقة موادها هذه بشكل خام دون أي تحويل ولا قيمة مضافة وتذهب لتستورد مادة القمح مثلا من أولئك الزبائن لمادتي الفوسفاط والطاقة المغربيين.
*
* ولكل من تلك المواد المصدرة أو المستوردة توابعها من نقل وتحويل وبحوث ودراسات وهي أيضا كلها من اختصاص زبائن المغرب العربي مما يزيد في هجرة عقولها ويضاعف البطالة في شبابها، نسب البطالة في المغرب العربي بحسب كثير من التقارير تبلغ ال: 50% والحياة عندنا ليست كريمة.
*
* نحن أيضا نقتني معظم موادنا الاستهلاكية من الخارج ولو أخذنا على سبيل المثال السيارة، لو ثبتنا تصنيعها مغاربيا لوفرنا الآلاف من مناصب الشغل المباشر. أما السياحة فإننا نغالط أنفسنا بأنها عامل نمو عند بعض من جهات المغرب العربي، والحقيقة أنه ما لم يكن لدينا اقتصاد متنوع يرتفع بنسبة ما يستهلكه السائح إلى ال: 50% على الاقل فإن السياحة أيضا تبقى دون ما نرجوه منها. ما فائدة المغرب العربي من سائح يصل إليه في طائرة من غير صنعه ويتنقل في سيارة أو قطار من غير صنعه وينام على سرير من غير صنعه ويأكل معلبات مستوردة، وفي النهاية تأتي الفواتير من الخارج لتذهب بمعظم ما أنفقه السائح الذي يكون أفسد عندنا أكثر مما أنفق أو أبقى إلينا من إنفاقه؟
*
* **قلتم ان الجزائر لا تتحرك والعالم يتغير،هل من توضيح لهذه المقولة في هذا الاطار الاندماجي بالتحديد؟
* **أخي الكريم ،تونس والمغرب دولتان متفتحتان على الخارج ولمنظومتيهما الاقتصاديتين قابليتين للتعامل مع باقي بلدان العالم في زمن العولمة. أما ليبيا البلد المتحجر فقط بدأ مرحلة تغيير عسيرة لكنها هامة في حياتها ومستقبل المغرب العربي.
*
* تبقى الجزائر مشكلة كبيرة أمام قيام المغرب العربي وذلك لثقلها الإستراتيجي ولخصوصية منظومتها السياسية.
*
* إن أهم شرط للاندماج الاقتصادي هو توحيد السياسات التنموية بين البلدان الأعضاء، الجزائر تعيش منغلقة على ذاتها رافضة لغيرها وكأنه يمكنها أن تعيش منفصلة عن العالم. صادراتها من غير البترول منعدمة، السياحة فيها ميتة رغم ما تملكه من ثروات، البنك فيها غائب عن الدورة الاقتصادية والإدارة فيها متحجرة.
*
* إن اقتصاد الريع خطير جدا على الأمة. المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (والتي تمثل95 % من الاقتصاد لكل بلد) لا تعمل بشكل سليم ولا تساهم في تأطير المجتمع ولا تقوم بدورها الأساسي وهو الوساطة بين الدولة والمجتمع خاصة في تحصيل الضرائب المختلفة. مداخيل البترول أفسدت كل شيء . في الجزائر بقيت الدولة هي : "صاحبة المشاريع" Le maitre d'ouvrage لكل شيء. هي من تبني السكنات والمستشفيات ويشق الطرقات وغيرها لذلك فإن كل تلك القطاعات تئن.
*
* أما عن الإصلاح السياسي فان العالم العربي اليوم يتغير والجزائر تنتظر، ليبيا تشتعل والجزائر تنتظر، تونس تنمو بثورتها العظيمة والجزائر تنتظر، المغرب يحاول الإصلاح والجزائر تنتظر، والكون حي لا ينتظر من لا ينتظر.
*
* في الجزائر خطاب رسمي يؤثر إلى حد على المستوى الشعبي وهو أن الجزائر لا تستفيد من جيرانها وأنهم هم من يستفيد من انفتاحها فهاهو التهريب نشيط على كل حدودها يستنزف اقتصادها ويستهلك مواد تقتنيها بالعملة الصعبة.
*
* لم لا تتحرك الدولة الجزائرية لتغيير هذا؟ هل عجزت عنا ايجاد الحلول ووضع الآليات لذلك؟ إن كانت تعتمد على الأمن وحده فلا غرابة أن تفشل في هذه المهمة، فالتهريب لم ينقطع منذ عشرات السنين وهو اليوم في تنامي مطرد. ذلك أن المهربين هم الجزائريون أنفسهم وبتواطؤ من المتنفذين. إن تهريب البنزين مثلا جعل حياة المناطق الحدودية ضنكا، فالأستاذ و الموظف لم يعد يستطيع ملء خزان سيارته إلا بعد ساعات من الانتظار ويضيف رشوة لعامل المحطة.
*
* الذي يزور مدينة مثل تبسة يشوبه الشعور أنه في مدينة أفغانية للفوضى العارمة فيها، وللجزائريين الحق في تسيير أفضل لبلدهم..
*
* الاندماج المغاربي هو الحل الأمثل أمام الجزائر والمنطقة لحياة أفضل لساكنتها. والتكامل الاقتصادي بين هذه البلدان هو الضامن لنهضتها في زمن لم يبق فيه مكان للصغير وأصبحت فيه التكتلات والتجمعات هي السمة البارزة للنظام الدولي الجديد.
*
* والمغرب العربي ثري جدا، يعد اليوم قرابة التسعين مليون نسمة ويتربع كل بلد فيه على مخزون هائل من المواد الطبيعية. ففي ليبيا أول مخزون إفريقي من البترول والغاز في الجزائر، أما المغرب فهو المصدر الأول للفوسفاط. وهذه المادة تحتاج إلى الطاقة المتوفرة عند جيرانها. لو تصورنا شركة "غاز- فوسفاط" مغاربية عالمية تضع في شراكة هاتين المادتين وتستغلهما محليا. شركة مثل هذه تصبح تتحكم في سعر الفوسفاط عالميا الذي ارتفع من 40 دولار إلى 200 دولارا للطن خلال بضع سنوات وذلك لارتفاع أسعار المواد الغذائية. وهذه المواد يستوردها المغرب العربي وكثير منها أنتج في غير المغرب العربي باستعمال فوسفاط المغرب وغاز الجزائرالذين بعناهما بثمن بخس واقتنينا مواد أخرى مصنعة منهما بأسعار عالية – أي حماقة هذه؟.
*
* فوتت الجزائر على نفسها كثيرا من الفرص للإصلاح رغم أنها دفعت الثمن غاليا جدا أثناء حرب أهلية جاءت على حوالي 200 ألف نفس غالية، الثمن غالي والإنجاز معدوم. هي اليوم تكرر مغالطتين يزيدان في تخلفها عن الركب. الأولى: أنها كانت سباقة أمام الدول العربية في ثورتها منذ ربع قرن وهي ليست في حاجة إلى ثورة أخرى تسيل دماء أبنائها. وثانيها أن مستوى معيشتها أفضل من جاراتها ولها القدرة على حل المشاكل الاجتماعية بالإنفاق من مداخيل البترول.
*
* والحقيقة أن ثورة 5 أكتوبر 1988 في الجزائر جاءت في زمن مختلف عن زماننا مما يجعلها تختلف إلى حد كبير مع الثورات العربية اليوم. ثم أنها كانت ثورة نخب بل قد تكون ثورة تصفية حسابات داخل الحزب الحاكم ركبتها بعض القوى، ولعل أبرز ما يجعلها تختلف عن ثورات اليوم ولا ترقى لمستواها هو أنها لم تخرج من الجزائر ولم تؤثر كثيرا في باقي بلدان العالم العربي ولا حتى في جيرانها بينما مكنت ثورة تونس من إسقاط ليس فقط دكتاتورها بل ألحقت به أكبر دكتاتور عربي المتمثل في حسني مبارك المؤيد لإسرائيل ثم جاءت بالمصالحة الفلسطينية وهي اليوم تخلخل ثلاثا من الأنظمة العربية.
*
* أما عن البترول واستعمال مال الريع في "رشوة" الشعوب بتدعيم المواد الأساسية فهو إجراء عقيم وغير مستدام يزيد في عملية التهريب، ثم إن الثورات القائمة في العالم العربي تجاوزت في أهدافها إلى الحرية والديمقراطية والإصلاح وهي أهداف أكبر بكثير من تخفيض أسعار الخبز.
*
* الجزائر بانغلاقها وبانتظارها الغير مبرر تضر بنفسها وتعيق تواصل المغرب العربي واندماجه.وشكرا جزيلا للشروق اليومي على هذه الاستضافة الكريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.