عاشت أروقة محكمة الشراڤة مؤخرا أول قضية من نوعها كان المتهم فيها مسؤولا في إحدى وكالات صندوق الاحتياط والتوفير باسطاوالي بالعاصمة، والضحية موظفة تحت سلطته تعرضت لتحرشات جنسية، مما جعلها تستنجد بشرطة سطاوالي لتتحرّك الدعوى العمومية من طرف النيابة، وليبدأ بذلك تطبيق قانون العقوبات الجديد في مادته الخاصة بالتحرّش الجنسي "341" التي نصها يُعدّ مرتكِباً لجريمة التحرش المعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 5 إلى 10 آلاف دج كل شخص يستغل وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار الأوامر للغير أو التهديد أو الإكراه أو ممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية. هذه المادة حسب مصدر قضائي مطابقة تماما لما وقع للضحية، حيث استعمل المتهم جميع الطرق للضغط عليها سواء الضغط النفسي بإصدار أوامر وإلزامها بأداء أعمال لا تخصها أو سوء المعاملة لدرجة منعها من الخروج لتناول وجبة الغذاء لتتطور بالضغط النفسي إلى ما قام به يوم 19 / 06 / 2006، وهو اليوم الذي تجرّأ فيه -حسب الضحية- إلى استعمال حيلة دنيئة لملامسة جسدها. وحسب ذات المصدر، فقد تأسّف محامي الضحية باسم كافة النساء الجزائريات اللواتي يعانين في صمت كبير للحفاظ على السمعة والعمل ولا يتجرأن على التصريح للعائلة لأن المجتمع ينظر إليها دائما على أنها هي المتهمة، فإعلان التحرّش والجهر به في المحاكم لا يزال "طابو" في المجتمع!!. وقد تفاءل محامي الضحية بالقانون الجديد للعقوبات الذي حصر الأفعال التي تعد من جريمة التحرش. وحسب تصريح الضحية، فقد امتد التحرّش من الضغط النفسي بمختلف أشكاله إلى استعمال حيلة أخرى، حين دخلت مكتب المسؤول المباشر وطلبت وثائق فأمرها أن تأخذها من الخزانة التي كانت وراءه ولم تجدها الضحية في داخل الخزانة، لكنه جلبها من مكتبه وأعطاها لها وقبل أن يضعها بيدها أسقطها أرضا فطأطأت لجمعها فما كان منه إلا أن سمح لنفسه بأن يلامسها في رقبتها فانتفضت وهي تبكي وخرجت من مكتبها وهي في وضع نفسي منهار، وعادت إلى المكتب فقالت للمتحرّش بها »سيدي أنا لست راضية على ما فعلته«. الضحية وحسب تصريحها ل "الشروق"، خرجت مباشرة لتقديم شكوى لدى محافظة شرطة سطاوالي لتبلغ عن تحرّش جنسي مع سبق الإصرار والترصد، وتحركت بتلك الدعوى القضائية بأمر من وكيل الجمهورية لمحكمة الشراڤة. المتهم ومباشرة بعد استدعائه من طرف الضبطية القضائية، إعترف بملامسة الضحية ولكن بدون غرض جنسي ولكنه وأمام المحكمة أنكر ملامستها وهو ما يؤكد »سوء نيته« مثلما صرحت الضحية ل "الشروق". دفاع الضحية -وحسب مصدرنا- إعتمد في مرافعته على سوابق المتهم في هذا الشأن الذي سبق له وأن تعرّض إلى إقصاء مهني وخضع لتأديب إداري سنة 2003 بسبب نفس السلوك مع زبونات وموظفات مثلما أكّد مصدر عائلي ل "الشروق". وقد تساءل محامي الضحية -حسب مصدرنا- كيف يداعب مسؤول موظفته في كامل نضجها الأنثوي بدون رغبة جنسية، خاصة وأن مداعبة النساء ليست من طبيعة المجتمع الجزائري المحافظ علما أنه لم تكن له أية صلة عائلة أو صداقة معها. من جهة أخرى، إعترف محامي الضحية بشجاعة والد الضحية وعائلتها التي وقفت معها وهو ما أكّدته الضحية ل "الشروق"، حيث اعترفت بالحالة النفسية الصعبة التي تحوّلت إلى رعب وعقدة يصعب نسيانها جراء الحرب النفسية التي تعرّضت لها من إثر ملامستها لولا وقوف العائلة. وحسب الضحية، فإنها لم تكن لتعرّض نفسها للوقوف أمام هيئة المحكمة لولم تكن قد بلغت مرحلة نفسية صعبة جراء إصرار المتهم تعقبها ولا تزال آثارها قائمة إلى حد الساعة. للإشارة، فقد خوّل محامي الضحية الجانب الجزائي لوكيل الجمهورية الذي طلب بدوره سنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5 آلاف دج بتهمة التحرّش الجنسي والإخلال بالآداب العامة. أما الجانب المدني، فقد عجز الدفاع عن تقديره لكونه لا يوجد ما يعوّض امرأة تضرّرت معنويا، فيما طلب محامي المتهم البراءة بكل ارتياح واحتياطيا ظروف التخفيف لتنطق المحكمة بشهرين حبسا نافذا وغرامة مالية ب 5 آلاف دج. تجدر الإشارة إلى أن دفاع المتهم طعن في الحكم واستأنف لدى مجلس قضاء البليدة ليتأسس دفاع الضحية للمطالبة بأقصى عقوبة مثلما أكّدت الضحية ل "الشروق" أن شهرين حبسا نافذا غير كافيين للضرر الذي أصيبت به، وهي دعوى من أجل كل النساء الشريفات اللواتي يتعرضن لأنواع التحرّش والابتزاز. فاطمة رحماني