صورة الشروق عرفت محلات بيع مستخلصات العطور التي تعدّت العشرين محلا في ظرف عام بالعاصمة وضواحيها إقبالا كبيرا من الزبائن هذه الأيام، تحضيرا لاستقبال العيد بعطورها الفوّاحة، خصوصا لدى الشباب من ذوي الدخل المحدود، ليضربوا عصفورين بحجر واحد: ماركات عالمية بثمن زهيد. * بداية جولتنا كانت بشارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة، محلّ لبيع هذه المستخلصات ذاع صيته رغم انه لم يمر على فتحه سوى أشهر معدودات، كان يعج بزبائن من مختلف الأعمار، لكن الشباب من الجنسين كانوا أكثر الوافدين عليه. بعضهم يطلب مباشرة الماركة التي يريد، في حين يسارع البعض الآخر إلى تصفح دليل المستخلصات الذي يضم أكثر من 150 نوع من مختلف الماركات العالمية، وإن كان الطلب يدور خصوصا حول أشهرها ك "شانيل" و"جيفانشي" و"هيغو بوس" و"سيروتي" و"كاشاريل" وغيرها. * الباعة شباب في مقتبل العمر، كانوا يرحّبون بالزبائن ويُغرونهم بالدخول إلى المحل وشراء هذا المستخلص أو ذاك برشهم ببعض القطرات مجانا. "نضحي يوميا ببعض القارورات للإشهار والتعريف بمنتجاتنا، فهذا النوع من العطور لا يزال مجهولا لدى الكثيرين، مما يجعلنا نرشّهم بأجمل العطور حتى تعجبهم ويشتروا، وأؤكد لكم أن 90 بالمئة من هؤلاء الزبائن يخرجون ومعهم على الأقل قارورة واحدة في الجيب، خاصة بالنظر إلى السعر الزهيد.. فماذا يساوي 150 دينار أو 200 دينار أمام عطر عالمي"، قال أحد هؤلاء الباعة. * وعن طريقة صنع هذه العطور، أضاف صاحب محل مماثل بباب الزوار إنه يمزج الكحول الذي يُطلق عليه اسم إيتانول بالمادة الأولية المستخلصة المتمثلة في عطر مركّز خالي من الكحول يتم جلبه من الشركات المختصة في صناعة الزيوت المستخلصة سواء في إسبانيا أو فرنسا أو إنجلترا، ويتم ذلك بنسب معينة حسب طلب الزبون، إما 4٪ بالنسبة لماء الكولونيا و 7٪ بالنسبة للعطر العادي و 15٪ بالنسبة لماء العطر الذي يشكل أكبر نسبة من الطلبات. * ولعل الميزة الأهم التي تطبع هذا النوع من العطور أسعارها المعقولة، فهي تتراوح بين 200 و600 دينار بحسب حجم القارورة ونوعيتها أيضا، فقارورة تتسع ل 20 ملل تُباع ب 200 دينار و50 ملل ب 400 دينار و100 ملل ب 600 دينار، لذا فهي تعرف تهافتا من الزبائن في مختلف المناسبات والأفراح، وقد عجّت محلاتها بالزبائن خلال هذا الأسبوع للظفر بقارورة تساعد على التزين بعطر فوّاح في أيام العيد المبارك. * كما توفّر معظم المحلات التي تبيع هذه المستخلصات لمحبي المسك أنواعا مختلفة منه كالعنبر والعود والورد الطائفي، لكنها لا تباع في صورتها الخام ولا تُحضر في المحل وإنما تُباع جاهزة، ويتم جلبها من فرنساوإسبانيا والسعودية، وهي التي تحبّذها شريحة العجائز وكبار السن خاصة في هذه المناسبات الدينية. وفي هذا السياق، كشف لنا أحد الباعة أن الطلب على المسك لا يكون من قبل الرجال فقط، بل إن النساء يطلبنه أكثر، خصوصا الورد الطائفي. * "لامية" هي إحدى الفتيات المهووسات بالعطور، لكن راتبها المحدود، باعتبارها موظفة ضمن الشبكة الاجتماعية، حال دون حصولها على الماركات العالمية الأصلية فوجدت ضالتها في هذه المستخلصات "منذ أن فتح أول محل لمستخلصات العطور بالعاصمة وأنا زبونة دائمة له، أقصده من الرويبة خصيصا، لكن الآن ومع انتشار هذا النوع من المحلات في كل منطقة تقريبا أصبح الأمر أسهل بالنسبة إليّ.. صدقوني إن قلت لكم إن مستلزماتي من العطور لدى زفافي كانت من هذه المستخلصات، واستغربت آنذاك قريبات زوجي من أن أقتني عطورا عالمية كوني "ڤليّلة"، لكنني لم أخبرهم بالسر..". * شاب آخر وجدناه بأحد محلات العطور التي زرناها، لم يتجاوز عمره العشرين، كان هندامه يوحي أنه من الميسورين، تقدم من البائع وطلب منه أن يعبئ قارورته بعطر "بي" من "جيفانشي". * سألناه عن سبب إقباله على هذا النوع من العطور فأجاب "أنا شاب أدرس بالثانوية، وأحب التعطّر كثيرا، و لا تكفيني العطور العادية التي تذهب رائحتها مع حلول الزوال، ولا أستطيع اقتناء العطور الأصلية، فوجدت خير الأمور هذه المستخلصات التي تدوم رائحتها في ملابسي إلى غاية يومين، وأتباهى بها أمام أقراني".