تُكرم فرنسا عددا من الكتاب الجزائريين والعرب ممن اختاروا لغة موليير للتعبير الأدبي في كتاباتهم، وهذا ضمن مهرجان الكتابة في البحر الأبيض المتوسط . هذه التظاهرة التي تحتضنها مرسيليا الفرنسية منذ أمس الأول، وعلى ضوء وقوفها عند شريحة الكتاب العرب وخاصة الجزائريين الأوفياء للكتابة بالفرنسية، حركت الكثير من أقلام الصحافة الفرنسية، فراحت تصف الأمر، بأنه نوع من الوفاء والإحساس المشترك بين الكتاب الجزائريين ونظرائهم الفرنسيين،حسب لوفيغارو، فيما ذهبت جريدة لوموند الفرنسية إلى حد القول، في تساؤل يحمل جوابه .. ما هي يا ترى النقطة المشتركة بين كاتب جزائري مثل بوعلام صنصال صاحب "اخبريني يا جنة"، أو ياسمينة خضرة أو المغربي الطاهر بن جلون أو اللبناني أمين معلوف ،أو عبد اللطيف اللعبي، بفرنسا ؟ ليس طبعا الدم الذي يسري في عروقهم ، لأنه ليس فرنسيا، ورغم ذلك اختاروا التخاطب بالفرنسية ..إنها العاطفة المشتركة التي تربطهم بفرنسا وأدبها.يأتي هذا في الوقت الذي تعرف فيه الساحة الثقافية الجزائرية عودة لجدل مشروعية الكتابة بالفرنسية ، حيث لا يزال عدد كبير من الكتاب الجزائريين يرفضون الكتابة بالفرنسية، من منطلق حقدهم على فرنسا الاستعمارية، التي أرادت أن تطمس العربية وترسخ لغتها، ومن منطلق أن تلك الكتابات تمجد فرنسا، فيما يعتبر البعض اتخاذ الفرنسية كلغة تعبيرا أدبيا، بمثابة غنيمة حرب باعتبار أنّ المبدعين بهذه اللغة هم المؤسسون الحقيقيون للأدب الجزائري والذين استطاعوا أن يشرّفوه في المحافل الدولية ولا علاقة لوطنيتهم باختيارهم للكتابة بالفرنسية، على غرار الروائي محمد ديب الذي أبدع في رائعته "الدار الكبيرة" التي تناول فيها جانبا من الكفاح البطولي للشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي فيما يعمد البعض إلى تخوين الكتاب الذين يكتبون بالفرنسية بدعوى أنهم مجدوا الاستعمار من خلال تكريسهم للغته هذه الأخيرة التي تحمل مخزون فرنسا الثقافي والحضاري وليست مجرد أداة للكتابة. وكان المجلس الأعلى للغة العربية، قد ناقش قبل أشهر قليلة هذه القضية، حيث اعتبر على لسان رئيسه محمد العربي ولد خليفة بأن اللغة الفرنسية كانت سلاحا مؤقتا استخدمته النخبة الجزائرية للدفاع عن القضية الوطنية، وطالب في الصدّد ذاته بالتحرّر من الشعارات والأحكام والتعميمات كوصف ''مفرنس'' و''معرب'' أو مصطلح ''فرانكفوني'' أو ''عروبي'' لأنها تحمل ثقل جرح الذاكرة.من جهته اعتبر الروائي أمين الزّاوي في تصريح للأيام بأنه شخصيا يكتب بالفرنسية إلى جانب العربية للدفاع عن قضايا تهم الجزائر، مشيرا بأن هناك طبقة من الأدباء الجزائريين الذين يكتبون بالفرنسية يشكلون مصدر إزعاج لفرنسا حين ملامستهم للسياسة.