دخل سعيد إلى البيت وسلم على زوجته المريضة التي انتفخ وجهها بسبب الأنفلاونزا وكانت الدموع تجري من عينيها كمثل ماسورة مياه شرب مكسورة تجرى منها المياه أياما قبل أن يفكر أحد في إصلاحها , سألها عن حالتها الصحية فقالت له: - والله يا سعيد لا أدري ما أقول لك فنوبات السعال تقصف بلعومي أقسى من قنابل إسرائيل العنقودية على غزة ولبنان . حزن سعيد وقال : - سلامتك يا حبيبتي سلامتك بعد الشر عنك . قالت الزوجة وهي تسعل بشدة : - الله يسلمك يا سعيد , والأدوية التي أخذها ودعايتها في كل التلفزيونات حبة واحدة والوجع يطير , شربة واحدة والواحد يصير يركض مثل الحصان وكما ترى أسبوع وأنا أبلع الحبوب ليلا ونهارا ولا من مجيب , الله وكيلك هالأدوية مثل خطب المسؤولين والشخصيات التي تحل كل المشكلات بشكل سحري , سنقضي على الفساد , سنحل أزمة السكن , وداعا للبطالة , وآخر الأمر مكانك سر . ربت سعيد بعطف على كتف زوجته قائلا بابتسامة : - يا لله يا حبيبتي همتك وشدي حيلك ومثل مالشعوب العربية تأقلمت مع وعود شخصياتها المرموقة أنت أيضا يجب أن تتأقلمي مع المرض . أجابت الزوجة : - الله وكيلك كل المرض من جهة والأولاد من جهة ثانية طول النهار واحد يضرب الثاني هذا يرضى هذاك يزعل , وأنا مثل مصالح المواطن المسكين راحية بينهم في الرجلين . ضحك سعيد وقال : - الله يعين وكيف الجيران ؟ نسوانهم لم يساعدوك بشيء ؟ أجابت الزوجة بحسرة : - مساعدة ؟ أية مساعدة الله يسامحك ؟ هؤلاء تعاطفهم مع المريض مثل تعاطف العالم مع أهل غزة , كل ما أريد أريّح جسمي شوي.. يرن الجرس ، ممكن شوية سكر ؟ ممكن كيلو روز ؟ ممكن 10 دنانير سلف , والأحلى أن واحدة منهم جاءتني معاتبة أنها التقطت الأنفلوانزا من وعاء السكر الذي أعطيتها إياه !! عبس سعيد وقال : - حسبي الله ونعم الوكيل حقا ناس بلا إحساس أو شعور.. لا يفهمون أن المريض بحاجة إلى الراحة كي يتغلب على مرضه ؟ قالت الزوجة بألم : - لا تزعل ياحبيبي , المهم أقوم أحضر لك الغداء قال سعيد وهو يساعدها على النهوض : - لا داعي للغداء يا حبيبتي فقد أكلت شيئا في الطريق. ابتسمت الزوجة شاكرة : - يا حبيبي يا سعيد لا تريد أن تتعبني وأنا مريضة ؟ الله يسلمك يا رب ضحك سعيد وقال لزوجته: - سلامتك عندي بالدنيا يا حبيبتي ولكني في الحقيقة لا أريد أن أعطلك عن تحضير طعام العشاء لأصدقائي اللذين سيزوروننا اليوم مع زوجاتهم ولأني متعاطف مع ألمك ومرضك فلم أدع سوى 10 أشخاص فقط.. يالله يا حبيبتي وريني همتك وأكلك الطيب ..