لم تختلف الجولة الخامسة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة «البوليساريو» عن سابقاتها من حيث النتائج التي انتهت إليها، وذلك باعتراف من المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى المنطقة الذي أشار إلى عدم إحراز أي تقدّم ملموس باستثناء الاتفاق على الالتقاء مجدّدا شهر مارس المقبل، في وقت اتهم فيه رئيس الوفد الصحراوي المغرب ب «التهرّب من الدخول في مفاوضات حقيقية». جاءت تصريحات المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، «كريستوفر روس»، مساء الأحد في أعقاب اختتام الاجتماع غير الرسمي ب «غرين تري» في «مانهاست» بضواحي نيويورك، على شاكلة تلك التي أدلى بها في الجولات السابقة، حيث اكتفى بالتأكيد أن «المحادثات تمت، على غرار ما حدث في الجولات التمهيدية السابقة، في جوّ من المشاركة الجادة والصراحة والاحترام المتبادل وبحضور وفدي الجارين الجزائر وموريتانيا، حيث قدّم الطرفان مجموعة من المقترحات ولكن بدون قبول أي طرف لمقترح الآخر كأساس لمفاوضات مستقبلية». وكان كلام «روس» أقرب إلى إبقاء الغموض والحرص على عدم الإقرار صراحة بوجود خلافات، حيث صرّح للصحفيين أن «الطرفان دخلا في نقاشات موسعة حول أساليب مبتكرة لبناء ديناميكية جديدة لعملية التفاوض على أساس عقد اجتماعات منتظمة»، مشيرا إلى أن الجانبين «قدّما وناقشا بطريقة أولية أفكارا ملموسة والتي سيتم تطويرها خلال الجولة القادمة من المباحثات التمهيدية المقرر إجراؤها في شهر فيفري القادم». وحسب مضمون البيان الذي حمل توقيع المبعوث الأممي فإن ممثلي جبهة «البوليساريو» والمغرب «رحّبا باستئناف الزيارات العائلية عن طريق الجو، كما تم الاتفاق عليه في الجولة الماضية من المحادثات التمهيدية»، إضافة إلى «الاتفاق على عقد جولة أخرى بجنيف بداية شهر فيفري القادم مع مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للنظر في تنفيذ خطة العمل الخاصة بإجراءات تبادل الثقة وكذلك الدفع بعجلة استئناف الزيارات العائلية عن طريق البرّ..». لكن تعليق رئيس الوفد الصحراوي المفاوض، «خطري أدوه»، حمل بعض التوضيحات على اعتبار تأكيده أن الجولة الخامسة «تناولت المقترحات المقدمة من الطرفين لوضع حد لنزاع تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية على قاعدة احترام حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير»، وتابع قائلا: «لكن للأسف لوحظ من جديد بأن المغرب يُواصل التهرب من الدخول في مفاوضات حقيقية من أجل تكريس ذلك الهدف الذي ما فتأت المجموعة الدولية تطالب به». وأضاف أن الوفد الصحراوي كان واضحا في النقاش على أساس أن جبهة «البوليساريو» دافعت عن مبدأ إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين في المغرب وفتح الإقليم أمام المراقبين الدوليين لإنجاح العملية التفاوضية، قبل أن يعترف «خلال هذه الجولة كانت مسألة انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية قد تمت معالجتها على ضوء ما كشفته مؤخرا بعض المنظمات المغربية بالنسبة للمصير المأساوي للمئات من الصحراويين من بينهم أطفال ونساء قضوا نحبهم على مدار 35 سنة في المعتقلات والثكنات العسكرية المغربية». كما ذكّر الدبلوماسي الصحراوي بمطالبة جبهة «البوليساريو» بإرسال لجنة تحقيق دولية مستقلة للوقوف على ما أسماه «القمع الممارس بالإقليم، خاصة بعد الهجوم الدموي للقوات المغربية ضد مخيم «كديم ايزيك» بضواحي مدينة العيون، على ضوء الشهادات المقدمة من طرف عديد المنظمات الإنسانية الدولية»، وخلص إلى أن «الطرفان قدّما أفكارا بغية تنشيط المفاوضات الجارية في أفق الجولة المقبلة في مارس 2011، دون المساس بالوضع النهائي للإقليم». ومن جانبه أكد وزير الشؤون الخارجية المغربي، «الطيب الفاسي الفهري»، أنه تقدّم مجددا خلال هذه الجولة ب «تفسير وشرح المقترح الخاص بالحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية في احترام كامل للسيادة المغربية»، محاولا استدراج الجزائر بالقول «لا نرى في مواقف الأطراف الأخرى هذه الرغبة في التقدم التي يعبر عنها المغرب دائما..فما تدعو إليه الأطراف الأخرى ليس هو حل هذا النزاع عن طريق المفاوضات وروح التوافق بل الرجوع إلى مخططات سابقة واستفتاء يعرف المجتمع الدولي بأسره مدى عدم قابليته للتطبيق..».