إلى أمي استعدادا لفقدكِ وبحذر لص مبتديء جلست أقرأ ” تشيكوف ” و” شوبنهاور ” بالقرب من غيبوبتكِ الليلية المستشفيات لا تسمح عادة بأن يحكي حوذي عجوز لفرس عن موت ابنه ولا أن يجيب أحد على سؤال ” هاملت ” : ( أكون أولا أكون ) بأنه ما كان يجب أن يكون . * * * رغم امتلاء البطارية وضعت الموبايل في الشاحن حتى أضمن عدم خيانته عندما تأتي اللحظة المتوقعة وأحتاج للاتصال فورا بالبنت التي أعدها منذ زمن كي تأخذ مكانك والتي من المفترض أن يمنعني صوتها من التبخر بعد أن يخرج الطبيب من غرفة العناية المركزة كما يحدث في الأفلام التي طالما أضحكتني سذاجتها ويخبرني متأسفا بأن البقاء ل ” سبايدر مان ” . * * * ستون عاما من الهضم القسري ليس غريبا إذن أن تلتف أمعاءكِ حول بعضها وتكوّن عقدة محكمة كهذه مدموغة بالثقة الكاملة للاعب سيرك في حكمة توظيف مرونته للانتحار . * * * فائدة الأم أنك تستطيع بواسطتها إثبات رجولتك حينما تنهرها بشدة عبر الهاتف أمام أصدقاءك على قلقها نتيجة تأخرك عن البيت ... فضيلة صور الأشعة أنها تفرض تعتيما محصنا على الوجوه بحيث لن يربط أحد بين انسداد الأمعاء وبينك ... ضرورة الذكريات أنها تعرّفك على الموت أكثر من الموت نفسه . * * * انتهت الطفلة من اللعب أمام منزلها وصعدت لتنام لكن صعودها استمر وقتا طويلا للأسف كما أن نومها صار أكثر عمقا مما يجب على كل حال هي لم تتعمد أبدا التنازل عن فكرة الطيران الصعود نفسه هو الذي كان ممرا ملتويا لأسفل والحياة التي كانت تملّس على رأسها استبدلت أياديها بمقصات لتنزع منها الأجنحة وتعطيها في المقابل نظارة ذات عدستين سميكتين بعدما ضعف بصرها من تخيل الجنة .