استعاد أمير العكروت لاعب النادي الإفريقي التونسي عافيته، بعد أن أصيب برصاصة طائشة بالقرب من قلبه كادت تودي بحياته وهو يطل من شقته في حي النصر بالعاصمة التونسية، أياما قليلة بعد رحيل الرئيس التونسي. حيث أصبح اليوم يقف على ساقيه ويتكلم بصورة عادية بل ويفكر في العودة إلى الملاعب بعد شهر من الآن، وقد اتصلنا به وعدنا معه إلى تفاصيل الحادث الأليم الذي تعرض له.... صباح الخير أمير، معك صحفي جزائري من جريدة “الهداف” اليومية. مرحبا بكم واعذروني لأنني لم أرد على مكالماتكم في البداية لأني لم أتعرف على الرقم. نريد أن نطمأن على صحتك، بعد أن تعرضت لطلقة نارية خلال الأحداث التي عرفتها تونس شهر جانفي الماضي، أين أنت وما هو جديدك؟ شكرا جزيلا لكم، أنا في شقتي بالعاصمة التونسية وبخصوص صحتي فهي مستقرة والحمد لله، بدأت أمشي وأتدرب بشكل تدريجي. لأنني في مرحلة ترويض حركي، وأحاول تدريجيا المقاومة والعودة من جديد إلى الميادين. وهل سيكون هذا الأمر سهلا خاصة أن البعض تكلم عن عدم قدرتك على ممارسة الكرة من جديد؟ حسب الأطباء فإنه يمكنني العودة بعد شهر من الآن، صحيح أن هذا الأمر كان يبدو مستحيلا قبل مدة قليلة، ولكن الأمور مبشرة حتى الآن وأنا أتجاوب بشكل جيد مع العلاج وبعد شهر من الآن بإذن الله سألتحق بشكل تدريجي بالفريق، صحيح أن العودة إلى المنافسة الرسمية تتطلب وقتا أطول ولكنني متفائل. كيف هو شعورك الآن بعد مدة من الحادث الأليم الذي تعرضت إليه؟ في البداية أحمد الله لأنه كان يمكن أن لا أكون معكم اليوم في عالم الأحياء، وعن سؤالك فأنا فخور لأن اسمي دوّن في هذه الثورة المجيدة، وأنتم تعرفون أنه لا توجد ثورات من دون خسائر، قدمت جزءا من صحتي ودمائي لأجل حرية هذا الشعب، كما أنا سعيد للشعب التونسي لأنه بعد 23 سنة من الظلم والاستبداد تمكن من أن يقول كلمته ولا يسمعها فقط لمن ظلموه واستولوا على ثرواته ولكن إلى العالم بأسره. كما أحيي من هنا الشعب الليبي العظيم الذي يتعرض لحملة إبادة من طرف رئيس مجنون، قضى 42 سنة في الحكم ولا أدري ما هي النهاية التي تنتظره، خاصة أنه مستمر في قتل الآلاف بالغارات الجوية وكأنهم فئران. كيف تتوقع نهاية السيناريو الليبي؟ من الواضح أن الصورة في ليبيا هي ثورة شعب كله ضد رئيس يتموقع في قلعة باب العزيزية اين يقيم رفقة عائلته، ولا أتوقع أن يتواصل تقتيل الأبرياء بهذه الطريقة دون حدوث أي شيء عن قريب. حيث لا استغرب انقلاب مقربي الرئيس عليه أو أن يقدم أي كان على قلته لأنه لا يعقل ما يفعله، كما هناك سيناريو للتدخل العسكري في ليبيا، وهو ما لا نتمناه رغم أن القذافي يركب رأسه متجاهلا العواقب التي يمكن أن تنجر عن حماقاته. لنعد إليك نريد أن نعرف كيف عشت لحظة تعرضك للرصاصة، التي كاد تؤدي بك إلى الوفاة؟ صراحة كانت صدمة كبيرة لا زالت تعاودني كل مرة، لكنني أحمد الله صباح ومساء أنه كتب لي عمرا جديدا، باعتبار أن الأطباء عندما وصلت إلى المستشفى كانوا يقولون للعائلة والأصدقاء بصراحة إن نسبة نجاتي لا تتجاوز 10 بالمئة، واليوم أنا أقف على ساقي وأفكر أيضا في لعب كرة القدم، رغم أنني توقعت أن لا أعود إليها من جديد، لهذا نسيت كل شيء. في لحظة تعرضك إلى إطلاق النار، هل أغمي.. (يقاطع) شاهدت ملك الموت بأم عيني، تقريبا مدة 10 دقائق وأنا أقاوم بانتظار سيارة إسعاف لكنها لم تأت، بسبب الأوضاع التي كانت وحالة الفوضى وإطلاق النار الذي كان يتم في كل مكان، اتصلوا بالإسعاف لكن دون رد. كنت اسمع الصراخ والعويل وكل ما كان يدور حولي، وأحاول فقط أن لا أغمض عيني لأن ذلك قد يؤدي بي إلى الهلاك، كانت لحظات صعبة للغاية لا أريد تذكرها من جديد، إلى أن نقلت إلى المستشفى وفي الطريق أغمي عليّ. ماذا جاء في ذهنك في اللحظات التي كنت تقاوم فيها؟ بصراحة بقيت أقرأ القرآن مدة 10 دقائق استعدت فيها كل ما حفظته من آيات كتاب الله، إلى أن فقدت الوعي ولم أشعر بنفسي من جديد. اعتقدت نفسك توفيت. لم اشعر بشيء إلى أن فتحت عيناي بعد أيام من الحادث مستفيقا من الغيبوبة. ثم ماذا؟ كان الطبيب أمامي، أول ما فعلته أني سألته بصعوبة هل لا زالت حيا أم توفيت، عندما فتحت عيني اعتقدت نفسي في عالم آخر (يضحك). وبعد أن تأكدت من أنك حي ترزق، ماذا فعلت؟ بقيت أحمد الله أنه كتب لي عمرا جديدا، وقلت في نفسي إن “ربي يحبني” وإلا لكان أخذني إلى العالم الآخر، أعطاني فرصة لأبقى رفقة عائلتي وأصدقائي وأحبابي ولا أتركهم يعيشون لوعة فراقي. خاصة أنك تعيل عدة عائلات، كما علمنا؟ صراحة لم يكن من السهل على العائلة تقبل فاجعة فقداني في هذه السن، قبل أن أتكلم عن كوني المعيل الوحيد لها. بعد أن استفقت من غيبوبتك قلت لمقربيك إنك لا تفكر من جديد في لعب كرة القدم، هل هذا صحيح؟ لا ليس هكذا، فعندما سألني بعض الصحفيين الذين زاروني عن موعد عودتي إلى التدريبات، قلت إنني لا أفكر في كرة القدم الآن، فصحتي قبل كل شيء وهذا كل ما في الأمر. كرة القدم مصدر عيشي، وما دام كتب لي الله عمرا جديدا وصحتي الآن مستقرة من حقي أن أفكر في العودة إلى الملاعب. هل كان هناك تضامن من الجزائريين معك؟ هناك أصدقاء خارج محيط كرة القدم من الجزائريين لم يبخلوا بالاتصالات عليّ ولو كانت الأوضاع مستقرة لزاروني في تونس، هؤلاء رفعوا معنوياتي كثيرا. كما اتصل بي المدرب بن شيخة بمجرد حصول الحادث، ولما تعذر عليه الكلام معي ترك لي رسالة أعلمت بها بمجرد أن استفقت وأنا أشكره كثيرا لأني لا أملك ذكريات كبيرة معه ومع هذا تضامن وتعاطف معي، وهذا ليس غريبا عليه خاصة أنه محبوب هنا في تونس. على ذكر بن شيخة كيف عشت مباراة الجزائروتونس في كأس إفريقيا للمحليين الأخيرة؟ كانت أصعب مباراة وبين أقوى منتخبين، تمنيت لو التقيا في النهائي ولكن الحظ أراد تونس، لاعبو الجزائر أعرفهم جيدا ولعبت أمام عدد منهم من قبل ولم أكن متفاجئا بما قدموه من مردود أعجبني صراحة، وركلات الترجيح مثلما أهلت تونس كان يمكن أن تمنح تأشيرة المباراة النهائية لأشبال بن شيخة. هل كان لاعبو المنتخب التونسي يتصلون بك من السودان؟ أكيد تقريبا أغلبهم كانوا يطلبونني في الهاتف، لا أتحدث عن أصدقائي الذوادي ووسام يحيى وخالد السويسي الذي ألعب معهم في فريق واحد، ولكن لاعبون آخرون كانوا يتصلون بي وشخصيا كنت أشعر بسعادة فائقة كلما أرى رقم (+249) المفتاحي يظهر على شاشة هاتفي النقال. وصراحة تضامن الشعب التونسي معي فاق كل تصور، وجعلني أشعر كما قلت لك قبل قليل بأنني قدمت بدمي القليل لهذه الثورة المباركة، واليوم بعد شفائي أنا مستعد للموت إذا كان في ذلك حياة للتونسيين. الأوضاع في تونس لا زالت غير مستقرة، ألا تتخوف من أن تبقى حالة الفوضى هي السائدة في الشارع؟ الأحوال ستعود على ما يرام، وغدا الاثنين (الحوار أجري أمس) هناك دعوات بالجملة من القيادات الشعبية ورجال السياسة والإعلام للرجوع إلى العمل و الدراسة، لأن لا أحد سيستفيد من بقاء الأمور معطلة. كما أن السياحة التي هي عصب الاقتصاد في تونس متوقفة، وأتألم كثيرا لما أرى من يبيعون الأغراض التقليدية للسياح يتفرجون على بعضهم البعض، أتمنى عودة المياه إلى مجاريها وعودة الجزائريين بالملايين إلى بلادنا. مباراة الجزائر والمغرب تبقى داربي مغاربي كبير، كيف تنظر لها قبل أسابيع قليلة قبل موعدها؟ المباراة صعبة للغاية، فمباريات الداربي دائما لها طابعها المميز، الجزائر ليس لها أي خيار سوى الفوز وإذا لعب الجمهور دوره في دعم المنتخب كما نشاهد دائما، فذلك سيكون مساعدا في تحقيق الانتصار.