طالب عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني بضرورة إعادة النظر في آليات تدريس اللغة الأمازيغية في الجزائر، حيث اقترحوا إدخال بعض التعديلات على القانون التوجيهي للتربية الوطنية المؤرخ في 2008 بما يضمن تعميم تدريسها في كل ولايات الوطن وعبر كافة أطوار التعليم بالمنظومة التربوية. حسب مضمون مقترح القانون الذي تقدّم به عدد من نواب الغرفة الأولى بالبرلمان من مختلف التشكيلات، فإن هذا النصّ يُعدّل ويُتمّم القانون رقم 08-04 المؤرخ في 23 أفريل 2008 المتضمن القانون التوجيهي للتربية الوطنية، كما أنه يهدف بالأساس إلى تعديل «المادة 33 مكرّر» من هذا القانون التي يُصبح نصّها بعد التعديل «تطبيقا للمادة 3 مكرر من الدستور، يكتسي تدريس اللغة الأمازيغية عبر كل أطوار المنظومة التربوية طابعا إلزاميا». وإضافة إلى ذلك أدرج أصحاب هذا الاقتراح فقرة ثانية في المادة ذاتها تقضي بأنه «تُحدّد الدولة وتجسّد، خاصة عبر قطاع التربية الوطنية، التطبيق التدريجي لهذا القرار من خلال برنامج مُبسّط حول آجال محددة ومنظم حول تحضير وتجنيد الوسائل البشرية، المالية والمادية الضرورية». واللافت أن هذا المقترح يأتي تزامنا مع ذكرى «الربيع الأمازيغي» التي تُصادف يوم 20 أفريل من كل عام، وقد حرص النائب «علي براهيمي» وكل من دعموه في تقديم هذا المقترح إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني على عدم تفويت هذه الفرصة خصوصا وأن التعديل المحوري المدرج كان من بين المطالب الرئيسية في ما يُعرف ب«أرضية مطالب القصر» في أعقاب «أحداث الربيع الأسود» في 2001، علما أن جلسات الحوار بين الحكومة وحركة العروش لم تصل إلى نهايتها لأسباب غير معروفة حتى الآن. وبعيدا عن هذا الجدل، استند نواب المجلس الشعبي الوطني في عرضهم هذا المقترح على الكثير من الأسباب منها على وجه التحديد مضمون «المادة 3 مكرّر» من الدستور التي تنصّ على أن «تمازيغت هي كذلك لغة وطنية.. وتعمل الدولة لترقيتها وتطويرها بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني». وبرأي هؤلاء فإن هذا «الالتزام الشرعي» المسند إلى الدولة «يتطلب منها بسط إستراتيجية شاملة وكاملة من أجل المحافظة، على هذه الركيزة الأساسية للهوية الوطنية وكذا لإعادة الاعتبار لها ولترقيتها». وذكر مشروع القانون في عرض الأسباب أنه منذ الشروع في إدراج تعليم الأمازيغية في المدرسة وقرار خلق المحافظة السامية للأمازيغية في وسط التسعينيات «سجل التكلف المؤسّساتي بهذا الواجب الوطني مكاسب أكيدة أبرزها منحها مقام اللغة الوطنية عبر حكم دستوري»، كما أشار إلى أن الأمر 03-09 المؤرخ في 13 أوت 2003 «ثبّت تواجد اللغة الأمازيغية ضمن المنظومة التربوية بسند التشريع» باعتبار تكليف الدولة «بتجنيد الوسائل التنظيمية والبيداغوجية الضرورية للاستجابة لطلب هذا التدريس عبر التراب الوطني». وعاد المقترح إلى التأكيد أن التشريع «أسند إلى المدرسة توفير تدريس للغة الأمازيغية بشكل يُمكن التلاميذ من إتقان هذه اللغة»، مثلما ذكّر بالقانون التوجيهي للتربية في 2008 الذي جاء فيه أنه «في مجال التعليم، تكلف المدرسة بمهمة... ترقية اللغة الأمازيغية وتوسيع تدريسها»، لكن أصحاب المقترح لفتوا إلى أنه «ورغم كل ذلك يُلاحظ أن مهمة توسيع رقعة تعليم الأمازيغية تُعاني من الركود بل شيئا ما من التقهقر» . ومن كل هذه المعطيات يعتقد النواب المعنيون بهذا المقترح أنه «لا يُمكن للدولة أن تترك ثابتا من ثوابتنا الوطنية تحت رحمة الميول الفردية للأشخاص» وبالتالي «يجب إقرار الطابع الإلزامي لتدريس اللغة الأمازيغية، الاختيار الوحيد الذي سيوفر لها السند العلمي والاقتصادي المتينين والدائمين»، كما أبرزوا أن «الطابع الاختياري لتدريس الأمازيغية يبقى عائقا أمام ترقيتها وتنميتها».