أكدت مصالح الأمن التونسية صحة المعلومات والمخاوف التي عبّرت عنها الجزائر بشأن تأثير تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا بشكل يُسهل من مهمة عناصر تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» من أجل تمرير كميات من السلاح نحو مناطق نفوذها، وقد تمّ إلقاء القبض على شخصين على الحدود وبحوزتهما كميات معتبرة من الذخيرة والقنابل. أعلنت الشرطة التونسية أمس أنها أوقفت مواطنا من ليبيا في سيارة كانت على متنها حمولة من ذخيرة بنادق «كلاشنيكوف» في جنوب البلاد على بعد 80 كيلومترا من الحدود بين البلدين، وحتى وإن لم تكشف عن مزيد من التفاصيل حول هذه العملية فإن المرجّح أن يكون الموقوف ذو صلة بالتنظيم الإرهابي «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وتزامنا مع ذلك أوردت وكالة «رويترز» للأنباء نقلا عن تصريحات ضابط شرطة تونسي تأكيده أن السلطات الأمنية ألقت القبض على رجل ثان، يُعتقد أنه يحمل جنسية جزائرية، كان ينقل هو الآخر قنابل، وأضاف أن سيارتي الموقوفين كانتا قادمتين من ليبيا، ولم يحدّد المتحدث وجهة الموقوفين في انتظار ما ستكشف عنه التحقيقات، كما لم تتوافر معلومات أخرى عن عمليتي الضبط المنفصلتين في بلدة «بئر عمير» الجنوبية. ويستغل مهربو الأسلحة وكل من يتعامل مع الجماعات الإرهابية التدهور الأمني الذي تعيشه ليبيا منذ اندلاع الأحداث في 17 فيفري الماضي من أجل عقد صفقات مع فرع «القاعدة» في المنطقة، وقد لجأت الجزائر إلى تعزيز انتشار وحدات حرس الحدود على طول الشريط الحدود مع ليبيا الذي يقارب 1000 كيلومتر لمنع أي تسرّب أو تحرّك للعناصر الإرهابية، وهو ما يفسر لجوء هؤلاء إلى استخدام الحدود مع تونس بالنظر إلى الاضطرابات التي تعيشها هي الأخرى. وليست هذه المرة الأولى التي تُسجّل فيها مثل هذه العمليات على اعتبار أن كل البلدان المحاذية للجماهيرية دخلت في حالة استنفار قصوى على حدودها بعد إلقاء القبض على عديد من الأشخاص وهم يهرّبون الأسلحة على الحدود، حيث قامت السلطات المصرية بإفشال ما عدده 10 محاولة لتهريب الأسلحة بين ليبيا ومصر خلال الأيام الأولى من الشهر الجاري، أما السودان فقد أغلقت كامل حدودها ونشر أعدادا كبيرة لقواتها من الجيش والأمن والشرطة والإدارة الأهلية في ولايات دارفور للمخاوف ذاتها. وكانت الجزائر السباقة إلى التحذير من مخاطر استغلال «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» منذ الوهلة الأولى لاندلاع الأزمة في ليبيا، حيث أبدت مخاوف من إمكانية تهريب الأسلحة وإقدام التنظيم على إعادة هيكلة نفسه بما يهدد استقرار وأمن منطقة الساحل، وهو ما أكده عدة مسؤولين جزائريين منهم وزير الداخلية الذي وصف ليبيا ب «المستودع المفتوح للأسلحة»، مثلما سارعت رؤساء أركان جيوش المنطقة إلى الاجتماع في مالي لدراسة هذه التطورات ولقيت مقاربة الجزائر لمحاربة الإرهاب تجاوبا غير مسبوق. وفي سياق هذه التطورات كان مسؤول أمني جزائري رفيع قد أكد الشهر الماضي في تصريح لوكالة «رويترز» وجود مؤشرات على أن «القاعدة» تسعى لشراء صواريخ سطح جو وأسلحة أخرى لتهريبها لمعقلها بشمال مالي، حيث تحدّث عن قافلة تضم شاحنات «تويوتا» غادرت شرق ليبيا ووصلت مالي بعد أن عبرت أراضي تشاد والنيجر قبل أن تُفرغ قذائف صاروخية مضادة للدبابات من طراز «آر بي جي7» وبنادق «كلاشنيكوف» ومتفجرات وذخائر.