ندد، أول أمس، خبراء في الآثار من المركز الوطني للبحوث في الآثار بمحاولة تهديم موقع «غار الماعز» ببلدية «الشافية» بالطارف، والذي يحوي رسومات "هيروغليفية" تعود إلى العصر الرعوي 6000 سنة قبل الميلاد، إثر تحويله إلى محجرة للطريق السيار. وحسب المعلومات التي تحوزها "الأيام"، فإن والي الطارف كان قد أمر قبل عدة أسابيع بغلق المحجرة مؤقتا إلى حين إيفاد وزارة الثقافة لخبراء في الآثار لتأكيد الحقيقة التاريخية لهذا الموقع، وهو ما تم فعلا أول أمس عندما زار فريق من المركز الوطني للبحوث في الآثار، والذي أكد أن الرسومات التي يحويها الغار حقيقية وتعود إلى أكثر من 6 آلاف سنة قبل الميلاد، وأن القانون يحرم كلية الاقتراب منها بأقل من 200 متر، في الوقت الذي وصلت فيه الأشغال حاليا إلى قرابة 10 أمتار عن مدخل الغار. وعبر الخبراء الذين حلوا بالطارف في إطار شهر التراث وندوة الخريطة الأثرية بالشرق عن سخطهم من منح ترخيص باستغلال الموقع كمحجرة، بالرغم من وجود مؤلفات تاريخية تناولت الموقع بالدراسة، كما كشف مسؤولون محليون ببلدية «الشافية» عن وجود عدة كهوف بالمنطقة ما تزال مجهولة لحد الساعة، والتي تحوي كنوزا أثرية نادرة في الوقت الذي تعرضت فيه عشرات المواقع الأثرية من العهدين الروماني والإسلامي بذات المنطقة للتخريب والنهب، وتم الاتفاق أول أمس على عودة الفريق بتاريخ 12 جوان المقبل قصد معاينة جميع المواقع تمهيدا لإعلان بلدية «الشافية» منطقة أثرية. هذا وكانت الوكالة الوطنية للآثار قد رخصت قبل 4سنوات لمستثمر محلي باستغلال الجبل كمحجرة، بالرغم من رفض عدة إدارات محلية للأمر على غرار الغابات والبيئة، حيث تم خلال هذه الفترة من الاستغلال لفائدة شركة «كوجال» اليابانية إزالة جبل يعرف ب«كاف الناقة» الذي يحوي منبعا مائيا حمويا يزود حمام «سيدي جاب الله» السياحي بالمياه، وهو حسب أخصائيين محليين مهدد بالجفاف وبالتالي غلق الحمام الذي يتوافد عليه آلاف الزوار من كامل أنحاء الوطن. وكانت "أطراف محلية" بالطارف قد حاولت غداة إعلان الوالي الجديد غلق المحجرة، طمس حقيقة الموقع من خلال الإدعاء بأن الصور هي من مخلفات سنوات الإرهاب، وأن تكاليف الغلق تقدر بأكثر من مليار سنتيم بمشروع الطريق السيار، وهي الإدعاءات التي فندها الوالي خلال دورة المجلس الولائي الأخير. وقتها قرر فريق خبراء الآثار رفع تقرير للوزيرة «خليدة تومي» للتدخل من أجل حماية الرصيد الأثري لولاية الطارف المهدد بالاندثار، خصوصا أن فريق علماء الآثار المنتدب من جامعة «تورنتو» الإيطالية أحصى منذ سنة 2003 ما يفوق 360 موقعا أثريا لمختلف العصور التاريخية من بينها 28 موقعا مصنفة وطنيا ودوليا، كما تأتي هذه الفضيحة يوما واحدا فقط بعد فضيحة رحيل فريق البحث الإيطالي من الطارف بسبب مهازل التنظيم الخاص بندوة الخريطة الأثرية للشرق الجزائري أسبوعين فقط قبل حلول الموسم الصيفي الذي يعول عليه الوالي الجديد، وذلك لإعطاء سمعة جديدة للولاية التي أنهكتها الفضائح خلال السنوات الماضية.