وقعت أوّل أمس، اتفاقية تعاون بين وزارة الثقافة والمعهد الفرنسي للبحوث في علم الآثار الوقائي تهدف إلى إجراء تشخيص لساحة الشهداء التي تحوي تحتها على مواقع أثرية هامة وذلك قبل الشروع في إنجاز محطة الميترو التي سيتم تكييفها حسب طبيعة هذا الموقع. وتنص هذه الاتفاقية حسب مدير التراث بوزارة الثقافة السيد مراد بوتفليقة على القيام ب"تشخيص أثري على مستوى ساحة الشهداء التي يحتوي باطنها على عدد من الآثار التي تعود إلى حقب تاريخية متعدّدة تشكّل ذاكرة وعنوان هويتنا الثقافية التي يتعيّن حفظها للأجيال القادمة"، مضيفا أنّ العملية قد أسندت إلى المعهد الفرنسي بالتعاون مع الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية. وقد برزت فكرة التعاون بعد أن اتّضح أنّه "لا يمكن الاستمرار في تطبيق المخططات التي تمّ وضعها لانجاز المحطة المركزية للميترو في شقّها الرابط بين البريد المركزي وساحة الشهداء نتيجة وجود آثار جدّ هامة تحت هذه الأخيرة"، وأوضح السيد بوتفليقة أنّه "بعد التشاور مع وزارة النقل تقرر الشروع في عمل مسبق لتقييم المخزون الأثري الموجود بهذه المنطقة ليتم بعد ذلك تكييف محطة النقل التي ستصبح متحفا حقيقي". وفي نفس الإطار، أوضح المدير العام للمعهد الفرنسي السيد بول جاكوب أنّ الجهود ستنصب على إجراء "عمليات جرد وتنقيب ترتكز على ما يسمى بعلم الآثار الوقائي لكلّ ما يحويه الموقع من آثار تعود إلى عدّة عصور تاريخية متفاوتة" وذلك بالاعتماد على تجربة مؤسسته التي "تربو عن الثلاثين سنة وخبرة أزيد من 1700 عالم آثار يعدّهم المعهد". ومن جهتها، تطرّقت ممثلة مركز التراث العالمي (منظمة اليونسكو )-الذي تجري عمليات البحث تحت إشرافه- السيدة منيرة بركة إلى أهمية هذا الإجراء في الحفاظ على المعالم الأثرية وحمايتها من زحف العصرنة لضمان نقلها إلى أجيال المستقبل وهي المهمة التي تستدعي- كما أكدت- القيام ب"عمل علمي دقيق يعتمد على خبرات عالية من أجل حفظ وتثمين المعالم الأثرية التي تعد أهم أرشيف تحوزه الإنسانية عن ماضيها"، على غرار قصبة الجزائرالتي أصبحت منذ 1992 مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي. وتجدر الاشارة في هذا الصدد، إلى أن عمليات التنقيب التي كان قد شرع فيها منذ زمن وجيز بلغت -حسب ما صرح به عدد من علماء الأثار المشاركين- "مراحل هامة"، حيث "تمّ حفر خمسة أمتار ليتبقى نحو ثلاثة أمتار أخرى قد تكشف عن آثار ترجع إلى عهود غابرة". كما أفرزت عمليات الحفر عن اكتشاف منطقة كانت تضمّ محلات الصنّاع والحرفيين توجد بين الميناء والقصبة العليا وتعود إلى العهد العثماني إضافة إلى إماطة الغبار عن ما قد يكون كنيسة (بازيليك) تعود إلى القرن الرابع بعد الميلاد وذلك في انتظار مفاجآت أخرى.