ندد وزير الخارجية «مراد مدلسي» أمس الأول بنيويورك أمام منظمة الأممالمتحدة بدفع الفدية للإرهابيين مقابل تحرير الرهائن، معتبرا الفدية أهم طرق تمويل الإرهاب الذي يساعد بدوره على تفشي الظاهرة ويشجع انتشارها، كما شدد «مدلسي» على ضرورة التصدي لما بات يعرف بالإرهاب الإلكتروني واستعمال الجماعات الإرهابية لوسائل الإعلام الحديثة في نشاطاتها «التوظيفية والتحريضية». جاءت تصريحات مسؤول الدبلوماسية أمس الأول لتعكس وتؤكد مجددا مواقف الجزائر من ظاهرة تمويل الإرهاب عبر دفع الفدية، والتي خاضت منذ أشهر حربا دبلوماسية في مختلف الهيئات الدولية للتحذير من هذا التصرف الذي كثيرا ما تبادر به الحكومات الغربية في سبيل تحرير رهائنها، بينما تساهم أموال الفدى والتي تقدر في كل عملية بملايين الدولارات في تسليح الجماعات الإرهابية وفي إزهاق أرواح مئات الأبرياء سنويا في العمليات الإرهابية التي تنفذها هذه الجماعات. ولم يفوت «مدلسي»، لدى تدخله خلال الاجتماع المنعقد في إطار الجمعية العامة ال 66 للأمم المتحدة الذي يهدف إلى تقييم مدى تنفيذ الإستراتيجية العالمية الأممية لمكافحة الإرهاب التي تبنتها الجمعية العامة عام 2006 ودراسة التعاون الدولي في هذا المجال، لإعادة النقاش مجددا حول خطورة تمويل الإرهاب عن طريق الفدية، مشيرا إلى أن العمل الذي تقوم به الجزائر على المستويين شبه الإقليمي والإفريقي وضمن الأممالمتحدة في مجال مكافحة آفة احتجاز الرهائن وإطلاق سراحهم مقابل دفع الفدية للجماعات الإرهابية يساهم بشكل كبير في محاربة التطرف والتحريض على إرهاب. وأوضح الوزير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هذه الممارسة المربحة بشكل مرعب تشكل متنفسا للفئات الأكثر هشاشة والأكثر حرمانا من السكان ومنهم على وجه الخصوص الشباب في بعض مناطق العالم على غرار بلدان شبه منطقة الساحل. ومن وجهة نظر رئيس الديبلوماسية الجزائرية فإن المساعي التحسيسية التي تقوم بها البلدان الأعضاء والمنظمات الدولية المكلّفة بمحاربة الإرهاب حول إشكالية دفع الفدية ترجمت بالمصادقة على قرار ضمن الاتحاد الإفريقي يدين بهذه الممارسة، وهو ما ترجم أيضا بمصادقة الأممالمتحدة على قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن التي حققت خطوة مشجعة في مجال التكفل بهذه المسألة. وجدد «مدلسي» أمام الأممالمتحدة إدانة الجزائر الشديدة للإرهاب بكل أشكاله بما في ذلك الأعمال التي من شأنها دعمه وتشجيعه بشكل مباشر أو غير مباشر، معربا عن ارتياحه لتأكيد اللائحة 1963 لمجلس الأمن على أهمية تركيز الجهود حول الوقاية وتقييم التهديدات والمخاطر وكذا القضاء على ظروف انتشار الإرهاب من خلال متابعة وطيدة لتنفيذ اللائحة (1624 2005). كما تطرق «مدلسي»، في مداخلته، إلى الإرهاب الإلكتروني واستعمال الجماعات الإرهابية لوسائل الإعلام الحديثة في نشاطاتها «التوظيفية والتحريضية»، وقال إن الجزائر تدعم محاربة ومحاصرة هذه الأساليب الحديثة في الترويج للفكر الإرهابي، أما بالنسبة للتعاون الذي يحظى بمتابعة شديدة بين الجزائروالأممالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، أكد الوزير أنه ترجم بوضع تحت تصرف الأممالمتحدة كمية هامة من العتاد الوثائقي والأرشيف المكتوب والسمعي البصري وكذا الأشرطة القصيرة والوثائقية، وقال إن التحسيس عن طريق الدعائم الإعلامية المناسبة من خلال شهادات إرهابيين جزائريين أعلنوا توبتهم يبرز النتائج الإيجابية في مجال محاربة التطرف وسياسة السلم والمصالحة الوطنية التي باشرتها الجزائر منذ أكثر من عشرية بدفع من رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة»، مبرزا أن هذه السياسة كرست بميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي لقي تأييدا واسعا من خلال استفاء شعبي. وفي سياق منفصل أكد «مدلسي» ضرورة الذهاب إلى تعاون أوسع في مجال مكافحة الإرهاب بين البلدان المعنية مباشرة والمؤسسات الشريكة، موضحا أن ندوة الجزائر حول محاربة الإرهاب التي عقدت يومي 7 و8 سبتمبر بين بلدان منطقة الساحل ونحو 40 بلدا آخر ومؤسسات دولية وإقليمية تبرز بوضوح هذه الضرورة، كما سمحت بتسجيل إجماع قوي ومستوى كبير من الحزم من أجل مكافحة فعالة ضد هذه الظاهرة التي تعني مع الأسف الإنسانية جمعاء.