لم يتمكن العسكريون السابقون ضحايا حوادث العمل الذين تمّ شطبهم إثر إصابتهم بعجز أو أمراض أثناء الخدمة الوطنية من تنظيم اعتصامهم الذي كان مقرّرا صبيحة أمس أمام مبنى وزارة الدفاع الوطني العاصمة للمطالبة بتسوية وضعيتهم الاجتماعية، ويعود ذلك إلى التعزيزات الأمنية التي أسفرت عن اعتقال العشرات منهم قبل وصولهم إلى عين المكان. نجحت مصالح الأمن في إجهاض اعتصام العسكريين السابقين ضحايا حوادث العمل الذي كان مقرّرا أمس أمام وزارة الدفاع الوطني بعد أن فرضت طوقا كبيرا وتعزيزات على كافة الممرات المؤدية إلى أعالي «وادي قريش». وأكثر من ذلك فإن الطريقة التي حاول المعتصمون انتهاجها من خلال اتفاقهم على الانقسام إلى مجموعات لم تُفلح، حيث واجهوا تنظيما محكما من طرف قوات مكافحة الشغب التي لم يقتصر انتشارها على محيط الوزارة وإنما تواجدت على كافة النقاط الحسّاسة المؤدية إلى هذا المبنى. وحسب ما نقلته شهادات من العسكريين السابقين ل «الأيام» فإن مصالح الأمن اعتقلت منذ الساعات الأولى للصباح العشرات منهم، وذهبت تقديرات مصادرنا إلى أن الرقم تجاوز السبعين معتقلا، وتمّ ذلك في نقطة الانطلاق التي اتفق عليها المعتصمون وهي ساحة «سكوار» المتواجدة بالقرب من مبنيي البرلمان، غير بعيد عن ساحة «الشهداء» في قلب العاصمة، وهو الأمر الذي أدى إلى إفشال الاعتصام في نهاية الأمر. وأفادت شهادات من العسكريين الذين تمّ اعتقالهم أن مصالح الأمن اقتادتهم إلى عدد من محافظات الشرطة المتواجدة على مستوى «باب الوادي»، مؤكدين بأنها تعاملت معهم دون عنف وتمّ إبلاغهم بأن أي اعتصام بالعاصمة ممنوع، وقد استمر توقيفهم حتى حدود الساعة الثانية بعد الزوال ليتم إطلاق سراحهم. وصرّح أحدهم بأن أعوان الشرطة انتبهوا إلى تواجدهم بساحة «سكوار» بالنظر إلى أن أغلبهم مصابون بإعاقات ممّا سهّل عملية التعرّف. وإذا كانت الصورة لم تتضح بعد بشأن مصير الحركة الاحتجاجية في المرحلة المقبلة، فإن العسكريين ضحايا حوادث العمل يطالبون عموما بالحصول على المزيد من التعويضات لتغطية حاجياتهم الاجتماعية. ويأتي على رأس قائمة المطالب ضرورة الاستفادة من تعويض كامل يُطبّق بأثر رجعي ابتداء من تاريخ الشطب، مع تخصيص «منحة الجريح» نتيجة الضرر الذي لحق بهذه الفئة وضمان التكفل الاجتماعي من حيث توفير العلاج المجاني والأولوية في الاستفادة من السكن بمختلف صيغه. وتسعى هذه الشريحة من خلال العودة إلى الاعتصام إلى إيصال صوتها هذه المرة إلى رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، التدخل لإيجاد حلّ لمشاكلهم، وهم يُطالبون كذلك بالاستفادة من نفس الامتيازات المالية التي خصّصت للعسكريين ضحايا الإرهاب لأنهم مقتنعون بأنهم عاشوا المعاناة نفسها أثناء أدائهم واجب الخدمة الوطنية منذ بداية «العشرية السوداء». ويجدر التذكير أن الوزير الأول «أحمد أويحيى» كان قد راسل، بتاريخ 30 جانفي 2011، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، «عبد المالك قنايزية»، بخصوص موضوع هذه الفئة، وهي المراسلة التي اعترف فيها بأن المعاش العسكري الذي يتقاضاه العسكريون الذين تمّ شطبهم إثر حوادث عمل أو جراء إصابتهم بأمراض والمقدّر ب 2850 دينار في الشهر نظير عجز يصل 100 بالمائة «هو مبلغ لا يكفي إطلاقا لتغطية حاجيات كبار المعطوبين هؤلاء الذين لا يملكون موارد أخرى». وتكشف أرقام رسمية صادرة عن صندوق المعاشات العسكرية بأن عدد العسكريين ضحايا حوادث العمل الذين تمّ شطبهم إثر إصابتهم بعجز أو أمراض يصل إلى 5 آلاف و878 عنصر منهم 1923 يعانون عجزا ماديا دائما يساوي أو يفوق 60 بالمائة، ومن بينهم 288 عاجزون بنسبة 100 بالمائة و33 عاجزون بنسبة 100 بالمائة بحاجة إلى عناية شخص آخر.