بقلم: رحاب اٍبراهيم/مصر ” أحبك ” ... قالها ببساطة , فعرفت أن اللعبة قد بدأت .بنفس البساطة , وكشخص لم يعد يخشى المزيد من الخيبات , سرت بجواره .. دخلنا للمقهى , جلسنا على الطاولة بجوار النافذة , جاء النادل ووضع كأسي العصير أمامنا بشكل بدا اعتياديا .. لم أكن قد طلبت شيئا ولا هو كذلك ..لكني أمسكت بكأسي بشكل حاولت جعله اعتياديا كذلك كي لا أخرج عن السياق .. حدقت في الكأس , وبدأ يتكلم . كان السائل داخل الكأس شفافا كالماء , له رائحة مزيج من الفواكة الاستوائية والمأكولات البحرية ... رائحة غريبة ونفاذة لكني أحببتها .. ارتشفت على مهل , وظل يتحدث . تذكرت أن في حقيبتي كلمة ” أحبك ” لم أستخدمها من زمن , وبدأ الصدأ يعلوها .. أخرجتها برفق دون أن يشعر ..مسحتها بمفرش الطاولة ثم وضعتها أمامه بجوار الكأس . تناولها بنفس البساطة الاعتيادية . أخرج أوراقه , أخرجت أوراقي , وبدأنا اللعب. لم أرى ورقه لكني خمنت أنه مليء بالجواكر والبنات , أوراقي معظمها كانت شيوخا تدعي الحكمة , وأرقاما فردية , وبعض الأولاد والبنات الصغار . استمر اللعب لساعات ,بعدها شعر بالملل , وكانت السماء على وشك أن تمطر , ولم أكن قد أحضرت معطفي , وكان معطفه مليئا بالرقع المختلفة الألوان ولا يبدو صالحا للوقاية من أي شيء . انصرفنا على وعد بلقاء آخر قريب . عندما التقينا مصادفة بعدها , كانت أنثى جديدة تطل بوضوح من عينيه وصوته ورائحة ملابسه ... حييته ببساطة , سألته عن أحواله .. بدا مرتبكا قليلا , قال : تائه كطفل . ابتسمت : تعرف ..نحن نحتمي كثيرا بالأطفال ...رغم أنهم قد يحطمون أشياء ثمينة أثناء لعبهم ودون قصد . هز رأسه موافقا , ثم سألني عن أحوالي , وهم بالانصراف مؤكدا على ضرورة أن نلتقي قريبا لنكمل اللعب , ونرتب الأوراق , ويكون الجو غير ممطر والسماء صافية .. و... و.. “طبعا ..بالتأكيد ” ..أجبته بابتسامة , شد على يدي بحرارة مودعا . لحسن الحظ لم ينتبه لما اختلسته يدي , ساحبة بعض الدقائق من الساعة الذهبية الملتفة حول معصمه .. أغلفها بشرائط وردية , أضعها في الدرج إلى جانب ما قد جمعته على مر السنوات الكثيرة الماضية من مفاتيح وأقلام وعلب سجائر وولاعات فضية وأوراق ... أوراق ... أوراق كثيرة مليئة بشيوخ تدعي الحكمة , وأولاد وبنات صغار .. والكثير من الأرقام الفردية .