الكفايات هي قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معيّن، ويتكّون محتواها من معارف ومهارات وقدرات واتجاهات مندمجة بشكل مركّب، كما يقوم الفرد الذي اكتسبها بإثارتها وتجنيدها وتوظيفها قصد مواجهة مشكلة ما وحلّها في وضعية محددة، وإذا كان مفهوم الكفايات قد ارتبط في بداية ظهوره وانتشاره بمجال التشغيل والمهن وتدبير الموارد البشرية في الإدارات والمقاولات، فإنه من المرجّح أن يتسع مفهومه ليغطي كافة التغيرات التي ستصيب ليس فقط في مجال العمال والمهنيين - ومن بينهم المعلمين-، بل التلاميذ أيضا أثناء تواجدهم في المدرسة، حيث لا يبقى مدخل الكفايات قاصرا على إعداد الأطر المهنية بما فيها أطر التعليم، بل ينبغي أن يتحوّل هذا النموذج إلى أداة لتنظيم المناهج وتنظيم الممارسات التربوية في المنظومة التعليمية، ذلك أن المبرّرات التي يتم اعتمادها عادة في الدعوة إلى تنظيم الكفايات في المجال المهني تبقى صالحة لتبرير الدعوة لاعتماد هذا المدخل في الحقل المدرسي وفي إطار علم التدريس، خاصة وأن نموذج التدريس الهادف في صيغته السلوكية والإجرائية أصبح عاجزا عن حلّ العديد من المشكلات العالقة في الحقل المدرسي، خاصة صعوبة "الأجرأة" - الصياغة الإجرائية للأهداف التربوية- في العديد من المجالات، وكذلك الفصل المصطنع الذي يتم بين ما هو عقلي وما هو حركي وبينهما، وبين ما هو وجداني في شخصية المتعلم. إن التدريس الذي يتأسس على مدخل الكفايات لا بد أن يبلغ مقاصده، لأنه لا يتناول شخصية التلميذ تناولا تجزيئيا. إن الكفاية ككيان مركّب تفترض الاهتمام بكل مكونات شخصية المتعلم، سواء على المستوى العقلي أم الحركي أم الوجداني. إن الكفاية تيسّر عملية تكييف الفرد مع مختلف الصعوبات والمشكلات التي يفرضها محيطه والتي لا يمكن أن يواجهها من خلال جزء واحد من شخصيته، بل بالعكس من ذلك، فإن تضافر مكونات الشخصية؛ أي المعرفة والعمل والكينونة هو الكفيل بمنح الفرد القدرة على مواجهة المستجدات والتغلب على التحديات، ولا بد من التذكير منذ البداية بالحقيقة الأساسية التالية، وهي أن تحليل تعاريف الكفايات تتأرجح بشكل عام بين الفهم السلوكي البيهافيوري «Behavioriste» والفهم الذهني المعرفي «Cognitiviste»، ذلك أن بعض الأعمال والبحوث تذهب إلى تعريف الكفاية باعتبارها سلسلة من الأعمال والأنشطة القابلة للملاحظة، أي جملة من السلوكيات النوعية الخاصة -خارجية وغير شخصية - وينتشر هذا التفسير في مجالين هما؛ التكوين المهني وفي بعض الكتابات المتعلقة بنموذج التدريس بواسطة الأهداف، في حين ينظر إلى الكفاية تارة أخرى كإمكانية أو استعداد داخلي ذهني، غير مرئي «Potentialité invisible» من طبيعة ذاتية وشخصية، وتتضمن الكفاية حسب هذا الفهم -وحتى تتجسد وتظهر- عددا من الإنجازات -الأداءات- باعتبارها مؤشرات تدل على حدوث الكفاية لدى المتعلم، وهو التعريف الأنسب الذي يُتيح للمنظومة التربوية تبني هذا المشروع في إطار من المنهجية والممارسة الواعية.