تدخل جنوب إفريقيا صلب موضوع استضافتها لأول كأس للعالم في كرة القدم في القارة السمراء عندما تحتضن غدا عملية سحب قرعة النهائيات المقررة بعد 190 يوما في بلد لا تزال الشكوك تحوم حول قدرته على ضمان الأمن والنقل والإقامة. وتبدأ جنوب إفريقيا رفع التحدي من خلال عملية القرعة وتوزيع المنتخبات ال32 على 8 مجموعات للتنافس على اللقب العالمي للبطولة المقررة من 11 جوان إلى 11 جويلية المقبلين. وتعلق جنوب إفريقيا آمالا كبيرة على العرض الفني الذي يسبق عملية القرعة والذي تم إعداده منذ نحو عام تقريبا وسينقل إلى نحو 200 بلد ويشارك فيه المغنية البنينية «أنجيليك كيدجو» و"الزولو الأبيض" «جوني كليغ». وعلى الرغم من ذلك، فإن عملية القرعة ليست المقياس الحقيقي لمدى استعداد جنوب إفريقيا للعرس العالمي كما كانت الحال خلال استضافتها لبطولة كأس القارات في جوان الماضي حيث لم تشهد البطولة أية أحداث لكنها لا تعدو كونها بطولة صغيرة لا ترقى إلى قيمة وحجم نهائيات كأس العالم. والأكيد أن جنوب إفريقيا التي تعتبر القوة الاقتصادية الأولى في القارة السمراء، لن تجد أية صعوبة في تجهيز 10 ملاعب لاستضافة المباريات. لكن المهمة الصعبة لجنوب إفريقيا هي أن تنسي العالم معاناتها من أعلى معدلات الجريمة في العالم: نحو 50 جريمة قتل في اليوم الواحد بالإضافة إلى 250 ألف سرقة في العام و500 ألف حالة اغتصاب كل عام، وهي أرقام دائما ما تقارن بأرقام أحد البلدان في حالة حرب. هذه الأرقام تترك تخوفاً كبيرا للجميع على الرغم من وعود مؤسسات الشرطة الجنوب إفريقية: تشغيل 190 ألف شرطي منذ العام 2009، ورفع احتياطي رجال الشرطة من 45 ألف إلى 100 ألف في العام 2010، وخطة شاملة في مجال الأمن بقيمة نحو مليون أورو. ويبقى التخوّف الكبير هو الحوادث التي تحصل خارج الملاعب والفنادق. ففي سبتمبر الماضي تعرض راكبان لشبكة الحافلات الجديدة في جوهانسبورغ إلى الإصابة برصاص مافيا سيارات الأجرة الجماعية. مشكلتي النقل والسكن وتعتبر وسائل النقل أيضا مشكلة كبيرة بالنسبة إلى جنوب إفريقيا. فالسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سيتم التنقل بين المدن التسعة المضيفة ملعبان في جوهانسبورغ في بلد تبلغ مساحته 3 أضعاف ونصف مقارنة مع مساحة ألمانيا التي استضافت نهائيات كأس العالم الأخيرة في العام 2006. فالطائرة، التي ليست في متناول الجميع في الأوقات العادية، يمكن أن ترتفع أسعارها في كأس العالم. كما أن المشجعين سيعانون من ارتفاع أسعار الفنادق. فالعثور على غرفة بأقل من 100 دولار في الليلة الواحدة سيكون صعباً للغاية. فجنوب إفريقيا استضافت أكثر من 9.5 ملايين سائح في العام 2008، لكنها تتوفر فقط على 200 ألف غرفة في الفنادق وفقا للمتحدث باسم اللجنة المحلية المنظمة «ريتش مخوندو». أما في كأس العالم فمن المتوقع وصول 450 ألف زائر. وبالعودة إلى كرة القدم، فإن مستوى "بافانا بافانا" يعتبر مصدر قلق أخر في البلاد. وسيكون المشوار الجيد لأصحاب الأرض مفتاح النجاح للعرس الكروي العالمي وضمانة لامتلاء الملاعب بالجماهير. بيد أن منتخب جنوب إفريقيا الخالية صفوفه من النجوم يعاني حاليا من أزمة النتائج المخيبة، وبلوغه الدور نصف النهائي لبطولة كأس القارات لم يكن سوى خدعة. فمدربه البرازيلي «جويل سانتانا» أقيل منتصف أكتوبر الماضي بعدما حصد 8 هزائم في مبارياته التسع الأخيرة. وكان خليفته مدرب برازيلي آخر هو «كارلوس ألبرتو باريرا» الشهير بقيادته منتخب البرازيل إلى إحراز لقب كأس العالم في العام 1994. ومنذ تعيينه لم يتردد «باريرا» عن إطلاق الخطابات الحربية: "كأس العالم هي القتل، القتل، القتل" وحدّد الدور ربع النهائي هدفا له مع منتخب جنوب إفريقيا في كأس العالم. ويحبس الشعب الجنوب إفريقي أنفاسه قبل عملية سحب القرعة يوم غد. العالم يترقب قرعة المونديال من جهته، يترقب العالم حفل سحب قرعة نهائيات المونديال حيث ستشارك فيه نخبة من أبرز مشاهير العالم تتقدمهم الممثلة الجنوب إفريقية الشهيرة «تشارليز ثيرون» الحائزة على جائزة أوسكار. وسيقام حفل سحب القرعة في مركز المؤتمرات الدولي في "كايب تاون". وسيفتتح رئيس جنوب إفريقيا «ياكوب زوما» ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" السويسري «جوزف بلاتر» هذا الحفل الذي سيدوم لفترة 90 دقيقة، كما من المتوقع أن يحضر الحفل مدربو المنتخبات ال32 التي تأهلت إلى النهائيات، وسيشهد كلمة يوجهها عبر الفيديو الرئيس السابق لجنوب إفريقيا «نيلسون مانديلا» الحائز على جائزة نوبل للسلام. وسيشاهد الحفل مباشرة حوالي 200 مليون شخص في 200 دولة حول العالم، فيما سيكون متواجدا في مركز المؤتمرات حوالي 2000 ضيف وأكثر من 1700 إعلامي. وستكون جميع المنتخبات التي توّجت باللقب سابقا متواجدة في العرس الكروي وهي إيطاليا "4 مرات آخرها في 2006 والبرازيل "5 مرات" وألمانيا "3 مرات" والأرجنتين "مرتان" والأوروغواي "مرتان" وفرنسا "مرة واحدة" وإنجلترا "مرة واحدة".