أكد «الطيب لوح» وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي أول أمس بالعاصمة، أن العمال الذين تتوفر فيهم شروط التقاعد دون شرط السّن قبل صدور النص القانوني الذي يلغيه يمكنهم الاستفادة من هذا الإجراء حتى بعد صدور النص، وأضاف الوزير أن التقاعد دون سن الشرط تسبّب في نزيف أكثر من 360 مليار دج من الصندوق الوطني للتقاعد إضافة إلى نزيف اليد العاملة ذات الخبرة والكفاءة وكذا ضياع 1.5 مليار دج سنويا من المصاريف والإشتراكات. أوضح «الطيب لوح» -في ندوة صحفية نشطها لتوضيح القرارات الأخيرة للقاء الثلاثية- أن قرار إلغاء الأمر المتعلق بالإحالة على التقاعد دون شرط السن الذي صدر في 1997 لا يمس من تتوفر فيهم شروط هذا الإجراء قبل صدور النص الذي يلغيه وبإمكانهم الاستفادة من التقاعد متى أرادوا، وأضاف أن القانون الذي سيناقش مشروعه في الثلاثية القادمة التي ستنعقد في أواخر الثلاثي الأول من سنة 2010 يعني فقط الفئات التي لا تتوفر فيها شروط التقاعد دون شرط السن قبل صدور القانون، مشيرا إلى أن السن القانونية للإحالة على التقاعد ستكون كسابق عهدها أي 60 سنة بالنسبة للرجال وللنساء الحق في طلب التقاعد في سن ال55 مع تخفيض سنة لكل طفل للأمهات في حدود ثلاثة أطفال. وللإشارة فإن الأمر الصادر في 31 ماي 1997 يسمح التقاعد دون شرط السن المحدد قانونا ب60 سنة لكل من عمل مدة 32 سنة مهما بلغ سنه وبالتقاعد النسبي للنساء البالغات 45 سنة واللواتي أتممن 20 سنة عمل على الأقل وللرجال البالغين 50 سنة والذين عملوا مدة 20 سنة أيضا على الأقل، وأوضح الوزير أن الهدف من إلغاء الأمر المذكور هو توقيف نزيف الإطارات واليد العاملة ذات الكفاءة وذات التجربة الطويلة عن المؤسسات الاقتصادية العمومية وتوجهها إلى القطاع الخاص وذلك حفاظا على الإنتاج، كما صرّح أيضا أن هذا الإجراء تسبب في نزيف للصندوق الوطني للتقاعد بلغ أكثر من 360 مليار دج كما أنه لم يسمح في خلق مناصب الشغل كما كان منتظرا بل سمح فقط باستخلاف المتقاعدين بشكل ضئيل جدا، وأضاف أن انعكاسات النص تمثلت أيضا في ضياع ما قيمته 1.5 مليار دج سنويا من الاشتراكات والمصاريف بلغت أكثر من 7 مليار دج سنويا للتكفل بالمستفيدين من هذا الإجراء، وبعد أن ذكر أن 400 ألف عامل استفادوا من الإجراء منذ صدوره أشار الوزير إلى أن الفدراليات طلبت إلغاء الأمر المذكور الذي سمح عند صدوره من التخفيف من آثار غلق المؤسسات وتقليص عدد العمال. ومن جهة أخرى تطرق الوزير إلى الارتفاع المقرر في الأجر الوطني الأدنى المضمون مشيرا إلى أن هذا الأخير سيكون له انعكاسات على عدة فئات منها المتقاعدين لأن المعاشات تحدد وفق هذا الأجر وترتفع أوتوماتيكيا مع ارتفاعه، وأوضح في الصدد ذاته أن قانون التقاعد يقضي أن لا يقل معاش المتقاعد عن 75 بالمائة من الأجر الوطني الأدنى المضمون، مضيفا أن القانون لا يأخذ بعين الاعتبار سنوات العمل التي في حال عدم اشتراك العامل للسنوات الضرورية عند بلوغه 60 سنة تتكفل الدولة بدفع الفرق، وفي هذا السياق أشار «لوح» إلى أن المستفيدين من المتقاعدين من ارتفاع الأجر الأدنى هم ذوي المعاشات الصغيرة مشيرا إلى أن 700 ألف متقاعد يتقاضون معاشات قديمة سيستفيدون من الزيادة إضافة إلى أكثر من 3 ملايين و200 ألف عامل بالقطاع الاقتصادي عندما سيتم مراجعة الاتفاقيات القطاعية الجماعية، وأكد الوزير في الشأن ذاته أن مفتشيات العمل ستشدد الرقابة على المؤسسات الاقتصادية للتأكد من تطبيق الزيادات المنتظرة في الاتفاقيات القطاعية الجماعية غير أنه أشار إلى أن مراجعتها ستكون وفق ظروف وخصوصيات كل شركة، أما عن التعويضات فأوضح الوزير أنها مرتبطة بالقوانين الأساسية مذكرا أن 32 قانونا أساسيا قد تم المصادقة عليه من الحكومة وتوجد البقية في طور الدراسة على مستوى الوظيف العمومي والقطاعات المعنية، وجدّد التأكيد بأن كل التعويضات ستكون سارية المفعول بأثر رجعي بداية من جانفي 2008 مهما كان تاريخ صدور القوانين الأساسية، أما عن أثر الزيادة في الأجر الوطني الأدنى المضمون على الوظيف العمومي فأكد الوزير أن "الأغلبية الساحقة" لهذه الفئة تتقاضى 16 ألف دج شهريا كحد أدنى "إلا بعض الاستثناءات"، مشيرا إلى أن مراجعة المادة 87 مكرر من قانون العمل سوف تسمح لهذه الفئة من الاستفادة مستقبلا من الزيادات، وعن المنح العائلية ذكر الوزير أن الثلاثية قررت أن تستمر الدولة في دفعها بالنسبة للقطاعين العام والخاص تماشيا مع منطق السياسة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، مشيرا إلى أن الدولة تدفع حاليا ما قيمته 20.3 مليار دج سنويا كمنح عائلية، أما عن التعاضديات التي قررت الثلاثية الأخيرة ضرورة تكييفها مع الإصلاحات الجارية في ميدان الضمان الاجتماعي أشار الوزير إلى أن التشريع الحالي لهذه الهيئات يضعها تحت وصاية وزارة الداخلية وتحت مراقبة الضمان الاجتماعي وهذا كما قال تسبب في بعض المشاكل، وأضاف أن الهدف من القرار هو الوصول إلى إمكانية أن تتكفل التعاضديات بتعويض المؤمنين لهم اجتماعيا بال20 بالمائة من مصاريف العلاج والدواء التي يعوضها الضمان الاجتماعي بنسبة 80 بالمائة كما أن الثلاثية ارتأت تكييف هذه الهيئات مع المستجدات الاجتماعية والاقتصادية، ومن بين المقترحات في هذا المجال قال «لوح» أن التعاضديات بإمكانها أن تتكفل بالتقاعد التكميلي لرفع القدرة الشرائية للمتقاعدين المنخرطين كما هو الحال في العديد من الدول مذكرا بوجود 32 تعاضدية على مستوى الوطن "بعضها لا تنشط بصفة كاملة" وتسجل بكاملها مليون و100 ألف منخرط. قانون العمل الجديد سيحارب اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية كما أكد «لوح» أن قانون العمل الجديد سيحارب العمل المتوازي واليد العاملة الأجنبية غير الشرعية، موضحا أن مشروع قانون العمل الذي هو في طور التحضير بالوزارة سيحتوي على بنود وأحكام تحارب العمل المتوازي وأخرى تهدف إلى التحكم في اليد العاملة الأجنبية الشرعية وغير الشرعية، وشرح في هذا الصدد أن المشروع يقترح آليات للتحكم في اليد العاملة السرية الأجنبية، مضيفا أن الجزائر تتوقع إجراءات صارمة على اليد العاملة الأجنبية بالضفة الشمالية من البحر المتوسط ستجعل هذه الفئة تتوجه إلى الجنوب، وواصل القول بأن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للجزائر سيعرف تطورا معتبرا في المستقبل ما سيجعل الجزائر ملجأ وهدفا للهجرة السرية من أجل العمل، ومن جهة أخرى كشف «لوح» أن المشروع سيحتوي على بعض الأحكام التي تمنع التدخين في أماكن العمل وذلك لحماية صحة العمال مشددا على دفاعه الشديد لهذا الاقتراح. كما سيتضمن مشروع قانون العمل الجديد أحكام شديدة وصارمة، على حد قول الوزير خاصة بمحاربة تشغيل الأطفال دون السن القانونية أي ال16 للعمل ويحتوي في هذا الصدد على مواد تمس أولياء الأطفال المعنيين، ويضمن النص المذكور كذلك مواد وأحكام متعلقة بالتحرش الجنسي ضد المرأة العاملة حسب الوزير الذي أشار إلى أن المشروع سيطرح للنقاش أمام شركاء الحكومة الاجتماعيين مؤكدا أن سنة 2010 ستكون سنة قانون العمل الذي سيكون أكبر ورشة عمل، وأشار من جانب آخر إلى أن مشروع قانون العمل الجديد سيجمع كل المواد الموزعة حاليا على مختلف القوانين والتي تخص العمال وعالم الشغل لتضمها في تشريع واحد، وأكد في هذا الصدد أنه سيتم تكييف النص الجديد وفق المستجدات الاجتماعية والاقتصادية في إطار احترام حقوق العمال وكذا احترام المعايير المتعارف عليها لتنمية المؤسسات الاقتصادية وجعلها قادرة على دخول المنافسة وإنشاء مناصب شغل والثروة، وأوضح في الأخير أن بعض بنود وأحكام هذا القانون سيتم تعديلها بالتشاور مع أرباب العمل وممثلي العمال خاصة ما يتعلق بالأجور والأجر الوطني الأدنى المضمون.