أذكر أني كنت قد أجريت قبل ثلاث سنوات حوارا مع واسيني الأعرج.. التقيته في إحدى ''الكافيتيريات''، كما يسميها صاحب ''شرفات بحر الشمال''، المجاورة للجامعة المركزية بالعاصمة، وطلب مني الرجل يومها ألا أطيل عليه ''أستطيع البقاء معك نصف ساعة فقط لأني مسافر هذا المساء والطائرة لن تنتظرني''.. جلسنا وجاءت النادلة، وكانت جميلة نوعا ما، وبيدها عصير لا يزال طعمه عالقا بذاكرتي.. أجرينا الحوار على مدار ساعتين كاملتين تناقشت فيهما مع الأعرج حول أشياء كثيرة.. عن كتاباته والجوائز المشرقية التي نالها.. عن ''الأمير عبد القادر'' والثقافة والكتاب وأشياء كثيرة. ومن جانبه، لم يتوقف هاتف واسيني عن الرنين وظل يقاطع حوارنا في مرات عديدة ليقفله صاحبه بعدها.. أنهينا الحوار بعد الساعتين وليس النصف.. وكنت أدرك أني تجاوزت حدودي الزمنية معه، فاعتذرت؛ لكنه رد باسما ''لا عليك''. المهم..نشر الحوار، لكن لست أدري إلى الآن إن كانت الطائرة انتظرت واسيني أم أنه ضيع سفره.. لكن رغم كل ما يكون قد حدث، فإني بقيت محتفظا لواسيني بأنه رجل مهذب ومتواضع جدا على عكس الكثير من كتابنا الميامين الذين يحاولون دوما منافسة ناطحات السحاب. تذكرت هذه الحكاية ''الواسينية'' لما اتصلت منذ أيام بكاتب كان إلى وقت قريب، ينظر إليه على أنه كاتب ''مهم'' لكن صديقنا أقفل الخط في الأذن والوجه.. وتشير الأصداء إلى أن هذا الكاتب الذي انخرط ك''عامل'' في مؤسسة ثقافية كبيرة، صار يقفل الخط في وجه كل الصحفيين دون استثناء رغم أنه وظف ليتكلم.. والسلام عليكم والسلام لنا جميعا بإذن الله.