تتزايد حجم الضغوط على حكومة عبد المالك سلال، على مستوى منطقة الجنوب الجزائري الذي تحول إلى احد أهم الملفات الشائكة المطروحة هاته الأيام على كبار المسؤولين في الدولة، بالنظر إلى الانتفاضة المتصاعدة التي تحركت بشكل مفاجئ ومست عديد الفئات الاجتماعية وأوساط نقابية، وما يقابلها من تهديدات أمنية خطيرة، عكستها عملية تيقنتورين الأخيرة، الأمر الذي يضع أعضاء الجهاز التنفيذي في وضع حرج للغاية، لاسيما مع تزايد الدعوات إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي من المفترض أن تنظم يوم الخميس الفارط بولاية ورڤلة، احتجاجا على البطالة ومشاكل أخرى، أحدثت حالة استنفار لدى السلطات المركزية الذي لم تعثر لحد الساعة على أدوات فعالة من شأنها أن تطفئ نيران الجنوب. أكدت آخر الأخبار الواردة من بعض ولايات الجنوب، تفاعل شريحة كبيرة من الشباب البطال مع الدعوة التي يطلقها بعض الفاعلين على المستوى المحلي من أجل القيام بوقفة احتجاجية بولاية ورڤلة بتاريخ 14 مارس القادم، وهو الحدث الذي يسترعي اهتماما بالغا من طرف السلطات والأحزاب وعامة المواطنين، بالنظر إلى الإصرار الكبير الذي طبع مواقف محركي هذا الاحتجاج، رغم الحملات الكبيرة التي قامت بها المصالح الأمنية في الأشهر الأخيرة، وطالت عددا من النشطين بسبب رفضهم التقيد بأوامر وتعليمات السلطات المحلية هناك، بعدما رفضت تنظيم أحداث مشابهة في وقت سابق. وأمام صعود منطقة الجنوب الجزائري إلى واجهة الأحداث، في ظروف تطبعها الاستثنائية على أصعدة عدة، يبقى السؤال الجوهري الذي تطرحه العديد من الأوساط يتعلق بالكيفية التي سيلجأ إليها الجهاز التنفيذي في التعامل مع المعطيات السلبية الواردة من هناك، والتي تضعها أغلب الفعاليات السياسية في خانة الخطر للغاية، على خلفية قراءات عديدة، قال أصحابها إن الهدف الأساسي وراء ما يجري في الجنوب إنما يتمثل في فصل هذه المنطقة من جغرافية الجزائر!! تحت غطاء جملة من المشاكل الاجتماعية التي تبقى تصنع المشهد العام حاليا، وهو المشروع الذي حذرت منه كافة الأحزاب السياسية في بياناتها الأخيرة، وهو ربما أيضا ما يفسر الاستفاقة غير المعهودة للسلطات المركزية، حيال ما يجري في هذه الولايات. ويقول مراقبون إن تدافع الأحداث بشكل متسارع وفي وقت قياسي كبير، يفرض على الجهاز التنفيذي تغييرا شاملا على النمطية التي ميزت أداءه في الاستجابة إلى مشاكل منطقة ولايات الجنوب، خاصة في عقلية المجابهة المفتوحة مع محركي هذه الاحتجاجات، والانتباه أكثر إلى البحث عن حلول واقعية ترضي جميع الأطراف المعنية بهذه المشاكل، لاسيما أن مجموعة كبيرة من المشاكل تبقى واقعية وحقيقية ولا يمكن حجبها كالبطالة وما يعانيه الشباب هناك من تمييز واضح في ملف التشغيل على مستوى المؤسسات البترولية، ناهيك عن مشاكل أخرى متعلقة بتنمية الوضع الاجتماعي للمواطنين، وكل ما يسهم في تفكيك ما يسمى بقنبلة الجنوب.