يعتبر الاغتيال الذي استهدف العلامة الدكتور سعيد رمضان البوطي مرحلة جد خطيرة دخلتها سوريا التي تعيش فوضى أخطر من تلك التي عرفتها ولاتزال الجارة ليبيا وتونس ومصر واليمن، على طريقة الربيع العربي الذي تحول إلى أشواك تدمي قلوب العرب. والمتأمّل لخريطة الوضع في العالم العربي يصاب بالصداع المزمن، بسبب حالة العجز التي تهيمن على الجسد العربي. الشعوب التي كانت تتطلع إلى الحرية والعدالة والرفاهية بعد سقوط الفراعنة والجبابرة، وجدت نفسها عاجزة عن حماية ثورتها، وانقسمت المطالب كما الأحلام على التيارات السياسية المتناحرة التي فشلت سابقا في تعبئة الشعوب، تلك المعارضة التي كانت متخفية في العواصمالغربية عادت لتستثمر في تضحيات شعوبها، وهي لا تختلف في شيء عن الاستغلال البشع لقدرات هذه الشعوب من طرف الديكتاتوريات التي سقطت. ما تعيشه سوريا سيكون له تداعياته أكبر من حجم المعارضة السياسية والمسلحة للطاغية بشار الأسد، والمعارضة السورية أصبحت أسيرة التنظيمات المسلحة التي تدين بالولاء لجماعات دينية واثنية متعددة المذاهب والرؤى التي لا تهتم باستقرار سوريا ومستقبل شعبها بقدر ما تهتم بما تحققه من نفوذ في منطقة تواجدها، وكأننا نعيش عودة إلى الماضي عندما انقسم العالم الإسلامي إلى دويلات ومماليك صغيرة متناحرة بعد سقوط الخلافة العباسية. إنها الفوضى إذن في كل البلاد العربية، التي ستعاني شعوبها من التطاحن والفتن والحروب والتقتيل والتفجير والمجازر، بعدما عانت لعقود من التعذيب والطغيان والفساد، فهي لا تخرج من مرحلة سيّئة إلا من أجل دخول مرحلة أسوأ.