الشديدة بين المعارضة والجماعات المسلحة في سوريا يمثل عقبة أساسية في وجه الحل، ويشير مختار لماني، وهو دبلوماسي لامع قام بعمل رائع في العراق قبل أن يقدم استقالته، إلى أن الثقة مفقودة بين مختلف الأطراف المعارضة، والأسوأ من هذا أن الجماعات المسلحة هناك تتقاتل فيما بينها. هذه الصورة لا تقدمها لنا وسائل الإعلام التي تروج للثورة المزعومة في سوريا، فالحديث ليس عن مظاهرات شعبية، ولا حتى عن معارضة سياسية، ولا عن جيش سوري حر يجري تقديمه على أنه الجهة الوحيدة التي تحمل السلاح، بل عن مجموعات متناحرة تتبادل التهم بالخيانة والتآمر، وهذا يلتقي بعض الشيء مع الوصف الذي تقدمه الجهات الرسمية السورية لما يجري. أخطر ما في الأمر الآن هو أن هذا الانقسام والتناحر بين أطراف المعارضة والجماعات المسلحة لا يترك أي مجال لبناء دولة سورية في حال انهيار النظام القائم، والسيناريو الليبي يبدو وارد التكرار، فالسلاح متوفر لدى الجميع، وكل طرف يعتقد أنه قادر على تحقيق أهدافه بالسلاح، وحتى الدول التي شاركت في جريمة نشر السلاح ودعم التمرد بالمال لن تستطيع فرض النظام في المرحلة التالية لسقوط حكم الأسد، وهم أول من يعلم ذلك. تغيير النظام في سوريا سيمر عبر حمام دم، لكن ليس هذا فحسب، فالذين قرروا اغتيال فرصة الشعب السوري في التغيير السلمي دفعوا البلاد إلى حرب أهلية ستبدأ أكثر فصولها دموية بعد سقوط النظام، وقد تستغرق سنوات قبل أن يعود الحد الأدنى من الاستقرار الذي يسمح ببناء دويلات على أنقاض ما كان يعرف بالدولة السورية، وهذه هي ثمار الفوضى التي تنشرها أمريكا في المنطقة بتمويل من خدامها من الأعراب.