* الصغار يحاكمون في البليدة.. وكبيرهم يتنعم في لندن! * 10 سنوات تمر.. وفضيحة القرن لا تزال حبلى بالأسرار تعود قضية الخليفة لتتصدر واجهة الأحداث الرئيسية في الجزائر، بعد أن قرر عدد من المتهمين فيها الطعن في الأحكام الصادرة في حقهم. ومن غرائب الصدف أن عبد المومن خليفة المتورط الرئيسي في القضية والفار من العدالة الجزائرية ليس معنيا بهذا الفصل الجديد من المحاكمة. يتساءل الجزائريون بحيرة عن السر الكامن وراء عدم قدرة السلطات الجزائرية جلب المتهم الرئيسي في القضية، عبد المومن خليفة، وبينما يتفهم البعض التعقيدات القانونية التي تحول دون إحضاره أمام العدالة الجزائرية، تولدت لدى آخرين قناعة بأن التضحية تكون دائما بالصغار في حين يستثنى كبار المتورطين في قضايا الفساد. ويفسر المساعد الأول للنائب العام لمجلس قضاء البليدة السيد زرق الراس محمد، أسباب عدم محاكمة عبد المؤمن خليفة، بأن هذا الأخير “صدر في حقه حكم غيابي بالسجن المؤبد ولا يمكن إعادة محاكمته إلا في حال تقدم هو بالنقض". ويشار إلى أن الجزائر طالبت بريطانيا بتسليمها المتهم عبد المؤمن خليفة وهو الطلب الذي وافقت عليه وزارة الداخلية البريطانية في 28 أفريل 2010، قبل أن تطعن هيئة دفاعه أمام المحكمة العليا البريطانية التي علقت قرار تسليمه. ما مصير قضية 1.2 مليار أورو “سويفت"؟ لا تمثل قضية الخليفة بنك سوى الجزء المنظور من التحقيقات التي تمت مباشرتها في سنة 2003، حيث ينتظر ملفان آخران استكمال التحقيقات. ونقلت مجلة “جون أفريك" عن يوسف ديلام، وهو محامي أحد المتورطين في قضية الخليفة بنك قوله “هاتين القضيتين تسببتا بضرر للخزينة العمومية مماثل لقضية الخليفة بنك إن لم يكن أكثر من ذلك". تسمى القضية الأولى “سويفت"، وتتعلق بتحويل مبالغ ضخمة من العملة الصعبة من مجمع الخليفة في الجزائر إلى الخارج. وحسب الوثائق الخاصة بالقضية، فإن قيمة هذه التحويلات بلغت 1.2 مليار أورو، حيث كان المجمع يضخ يوميا ما قيمته 4 ملايين دولار من خزائن الخليفة إلى أوروبا، وآسيا وأمريكا، حين كان في أوج ازدهاره المالي بفعل إيداعات المؤسسات الوطنية والوزارات التي فاقت كل الحدود. وكان الخليفة يستغل هذه الأموال الضخمة في كراء الطائرات، وشراء سيارات الليموزين وتسديد أجور كبار الفنانين العالميين. إلى جانب ذلك، كان يتم تسديد فواتير الفنادق، والحصول على العقارات الفاخرة للأصدقاء، وتقديم الهدايا من المجوهرات الثمينة. ويذكر أحد المتابعين للملف أن المحققين في القضية، عجزوا إلى اليوم، بعد مرور عشر سنوات على القضية، عن تحديد المستفيدين من هذه الأموال الطائلة التي كانت تهرب إلى قارات العالم، ما يطرح أكثر من تساؤل حول حقيقة المتورطين في فضيحة القرن الذين يتجاوز عددهم دون شك 75 متهما سيمثلون مجددا أمام العدالة. أين ذهبت أموال محطات تحلية البحر؟ أما الملف الثاني الذي لا يقل خطورة عن سابقه، يتصل بفضيحة اقتناء 5 محطات تحلية مياه البحر، أهداها مجمع الخليفة للحكومة الجزائرية في سنة 2002 . وتبين لاحقا أنها خديعة كبرى، وفق ما ذكر وزير سابق اطلع على الملف. ويكشف محضر استماع للدرك الوطني، أن هذه التجهيزات اقتناها الخليفة من مؤسسة سعودية بمبلغ 65 مليون أورو. وتم نقل محطتين فاسدتين وملوثتين بالأميونت إلى ميناء الجزائر العاصمة، حيث غرقت إحداهما في البحر، وأصاب الثانية الصدأ في عرض البحر ببومرداس. أما الثالثة فلم يتم استقبالها أبدا. وخلص تحقيق قام به مكتب دراسات سويسري بطلب من وزير الموارد المائية أن هذه المحطات لم لم تكن سوى مضخات عائمة للمياه، كانت تقوم بضخ المياه إلى قاعدة بترولية في الخليج العربي. أين ذهبت الأموال إذن؟ تقول “جون أفريك" إن جزءا منها استعمله الخليفة في شراء فيلا “باغاتال" في أعالي مدينة كان الفرنسية ب35 مليون أورو، وقد تم إعادة بيعها لاحقا ب16 مليون أورو فقط. أما الجزء الثاني من الأموال فتسلمه السعوديون. ويُسّر أحد المحامين المتابعين للملف أن التحقيقات التي باشرها قاضي التحقيق في هذين الملفين، لم تتحرك ب«ميلميتر واحد"، ومن المحتمل أن لا نعرف الحقيقة أبدا، يضيف المحامي ل«جون أفريك".