أشك في أن تكون الحكومة قد فهمت الربا بالمعنى الشرعي.. حين أعفت قروض (الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب) من فائدة 1% .. فالحلال والحرام ليسا من انشغالاتها.. وهي ليست معنية باستصدار فتوى في موضوع القروض الربوية.. ولا في غيرها من الموضوعات ذات الطابع الشرعي.. كاستيراد وترويج الخمور مثلا.. ولا أعتقد أنها طلبت شيئا من ذلك من المجلس الإسلامي الأعلى.. بدليل أن رئيس لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى قال (تمنينا لو أنهم استفتونا قبل قرار إدراج القروض حتى نزيل اللبس عنها..)! فالحكومة تقرر ولا تستفتي.. وهي التي تضع القوانين.. وتشرع ما تشاء.. أما “دين الدولة الإسلام".. فله في ذهنها معنى يختلف عما في أذهاننا.. ووجود وزارة للشؤون الدينية والأوقاف.. قد لا يختلف في شيء عن عدم وجودها.. والدولة تمارس فصل الدين عن الدولة حين تشاء.. ولا تجد حرجا في ذلك. *** هذه الأشياء معروفة.. وهي من المسلمات اليومية.. أما إلغاء الفائدة الربوية على القروض الممنوحة للشباب.. وهي في الأصل شبه منعدمة.. فهو من الزاوية الاقتصادية ليس شيئا.. بدليل أن دولة غير إسلامية مثل اليابان.. تطبق نسبة فائدة قريبة من الصفر.. والنسبة في حد ذاتها رمزية.. ولا تشكل عبئا ماليا كبيرا.. وقد يحصل المستوردون الكبار.. أعني الكبار فعلا.. على قروض بالملايير.. تكون معفاة من الفوائد. ما أراه.. أن الحكومة التي تطير في أجواء ملتهبة.. تحاول حماية ريشها الناعم من نار الشارع.. برش الماء في كل اتجاه.. فتشتري الصمت والسلم.. ولوبنسبة 1%.. وهذا مهم جدا بالنسبة إليها.. ولا يعنيها بعد ذلك أن يكون ما أقدمت عليه.. مطابقا للشريعة.. أولونا من الربا السياسي.